سنة عدوه كالصبي فلم تجر عليه الأحكام. والشيوخ بالصين يعظمون تعظيماً كثيراص ويسمى أحدهم آطا، ومعناه الوالد.

وكان الأمير الكبير قُرْطيْ وضبط اسمه "بضم القاف وسكون والراء وفتح الطاء المهمل وسكون الياء" أمير أمراء الصين، أضافنا بداره وصنع الدعوة ويسمونها الطُّوى "بضم الطاء المهمل وفتح الواو" وحضرها كبار المدينة. وأتى بالطباخين المسلمين فذبحوا وطبخوا الطعام. وكان هذا الأمير على عظمته يناولنا الطعام بيده ويقطع اللحم بيده. وأقمنا في ضيافته ثلاثة أيام وبعث ولده معنا إلى الخليج. فركبنا في سفينة تشبه الحراقة، وركب ابن الأمير في أخرى، ومعه أهل الطرب وأهل الموسيقى وكانوا يغنون بالصيني وبالعربي وبالفارسي، وكان ابن الأمير معجباً بالغناء الفارسي، فغنوا شعرا منه. وأمرهم بتكريره مراراً حتى حفظته من أفواههم. وله تلحين عجيب وهو:

تادل بمحنت داديم ... در بحر فكر افتاديم

جن "جون در نماز استاديم ... قوي بمحراب اندرى "اندريم"1

واجتمعت بذلك الخليج من السفن طائفة كبيرة لهم القلاع الملونة ومظلات الحرير وسفنهم منقوشة أبدع نقش وجعلوا يتحاملون ويترامون بالنارنج والليمون. وعدنا بالعشي إلى دار الأمير فبتنا بها وحضر أهل الطرب فغنوا بأنواع من الغناء العجيب.

وفي تلك الليلة حضر أحد المشعوذة، وهو من عبيد القان، فقال له الأمير: أرنا من عجائبك فأخذ كرة خشب لها ثقب فيها سيور طوال فرمى بها إلى الهواء فارتفعت حتى غابت عن الأبصار ونحن في وسط المشور أيام الحر الشديد فلما لم يبق من السير في يده إلا يسير أمر متعلما له فتعلق به وصعد في الهواء إلى أن غاب عن أبصارنا فدعاه فلم يجبه ثلاثاً، فأخذ سكيناً بيده كالمغتاظ وتعلق بالسير إلى أن غاب أيضاً، ثم رمى بيد الصبي إلى الأرض ثم رمى برجله ثم بيده الأخرى ثم برجله الأخرى ثم بجسده ثم برأسه، ثم هبط وهو ينفخ وثيابه ملطخة بالدم. فقبل الأرض بين يدي الأمير، وكلمه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015