وأهل الصين كفار يعبدون الأصنام ويحرقون موتاهم كما تفعل الهنود. وملك الصين تتري من ذرية تنكيزخان. وفي كل مدينة من مدن الصين مدينة للمسلمين ينفردون بسكناهم. ولهم فيها المساجد لإقامة الجمعات وسواها. وهم معظمون محترمون. وكفار الصين يأكلون لحوم الخنازير والكلاب ويبيعونها في أسواقهم. وهم أهل رفاهية وسعة عيش إلا أنهم لا يحتفلون في مطعم ولا ملبس. وترى التاجر الكبير منهم الذي لا تحصى أمواله كثرة وعليه جبة قطن خشنة. وجميع أهل الصين إنما يحتفلون في أواني الذهب والفضة. ولكل واحد منهم عكاز يعتمد عليه في المشي ويقولون هو الرجل الثالثة. والحرير عندهم كثير جداً لأن الدود تتعلق بالثمار وتأكل منها فلا تحتاج إلى كثير مؤنة ولذلك كثر وهو لباس الفقراء والمساكين بها ولولا التجار لما كانت له قيمة. ويباع الثوب الواحد من القطن عندهم بالأثواب الكثيرة من الحرير. وعادتهم أن يسبك التاجر ما يكون عنده من الذهب والفضة قطعاً تكون القطعة منها من قنطار فما فوقه وما دونه ويجعل ذلك على باب داره. ومن كان له خمس قطع منها جعل في أصبعه خاتماً ومن كانت له عشر جعل خاتمين ومن كان له خمس عشرة سموه السّتي "بفتح السين المهمل وكسر التاء المعلوة" وهو بمعنى الكارمي بمصر. ويسمون القطعة الواحدة منها بَرْكالة "بفتح الباء الموحدة وسكون الراء وفتح الكاف واللام".

وأهل الصين لا يتبايعون بدينار ولا درهم. وجميع ما يتحصل ببلادهم من ذلك يسبكونه قطعا كما ذكرناه وإنما بيعهم وشراؤهم بقطع كاغد كل قطعة منها بقدر الكف مطبوعة بطابع السلطان وتسمى الخمس والعشرون قطعة منها بَالِشْت "بباء موحدة وألف ولام مكسور وسين معجم مسكن وتاء معلوة"، وهو بمعنى الدينار عندنا. وإذا تمزقت تلك الكواغد في يد إنسان حملها إلى دار كدار السكة عندنا فأخذ عوضها جدداً ودفع تلك ولا يعطى على ذلك أجرة ولا سواها لأن الذين يتولون عملها لهم الأرزاق الجارية من قبل السلطان، وقد وكل بتلك الدار أمير من كبار الأمراء وإذا مضى الإنسان إلى السوق بدرهم فضة أو دينار يريد شراء شيء لم يأخذ منه ولا يلتفت إليه حتى يصرفه بِالبَالِشت ويشتري به ما أراد.

وجميع أهل الصين والخطا، إنما فحمهم تراب عندهم منعقد كالطفل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015