من الخشب كبيرة قائمة على الخشب الضخام يصعد إليها على طريق خشب مسقف، فإذا جاء العدو ضموا إليها الأجفان التي تكون بالمرسى وصعدها الرجال والرماة فلا يصيب العدو فرصة. وبهذه المدينة مسجد حسن مبني بالحجارة، وبها العنب الكثير والرمان الطيب. ولقيت الشيخ الصالح محمد النيسابوي أحد الفقراء المولهين الذين يسدلون شعورهم على أكتافهم، ومعه سبع ربّاه، يأكل مع الفقراء ويقعد معهم وكان معه نحو ثلاثين فقيراً لأحدهم غزالة تكون مع الأسد في موضع واحد فلا يعرض لها. وأقمت بمدينة فتن، وكان السلطان غياث الدين قد صنع له أحد الجوكية حبوباً للقوة على الجماع. وذكروا أن من جملة أخلاطها برادة الحديد فأكل منها فوق الحاجة فمرض ووصل إلى فتّن. فخرجت إلى لقائه وأهديت له هدية فلما استقر بها بعث عن قائد البحر خواجة سرور، فقال له: لا تشتغل بسوى المراكب المعينة للسفر إلى الجزائر. وأراد أن يعطيني قيمة الهدية فأبيت ثم ندمت لأنه مات فلم آخذ شيئاً. وأقام بفتن نصف شهر ثم رحل إلى حضرته. وأقمت أنا بعده نصف شهر ثم رحلت إلى حضرته وهي مدينة مُتْرة "بضم الميم وسكون التاء المعلوة وفتح الراء" مدينة كيرة متسعة الشوارع. وأول من اتخذها حضرة صهري السلطان الشريف جلال الدين أحسن شاه وجعلها شبيهة بدهلي وأحسن بناءها. ولما قدمتها ووجدت بها وباء يموت منه الناس موتاً سريعاً فمن مرض مات من ثاني يوم مرضه أو ثالثه، وإن أبطأ موته فإلى الرابع. فكنت إذا خرجت لا أرى إلا مريضاً أو ميتاً. واشتريت بها جارية على أنها صحيحة فماتت في يوم آخر. ولقد جاءت إلي في بعض الأيام امرأة كان زوجها من وزراء السلطان أحسن شاه ومعها ابن لها سنه ثمانية أعوام نبيل كيس فطن. فشكت ضعف حالها فأعطيتهما نفقة وهما صحيحان سويان. فلما كان من الغد جاءت تطلب لولدها المذكور كفناً وإذا به قد توفي من حينه. وكنت أرى بمشور السلطان حين مات المئين من الخدم اللاتي أتي بهم لدق الأرز المعمول منه الطعام لغير السلطان، وهن مريضات قد طرحن أنفسهن في الشمس. ولما دخل السلطان مُتْرَة وجد أمه وامرأته وولده مرضى. فأقام بالمدينة ثلاثة أيام ثم خرج إلى نهر على فرسخ منها كانت عليه كنيسة الكفار وخرجت إليه في يوم خميس فأمر بإنزالي إلى جانب القاضي فلما ضربت لي الأخبية رأيت الناس يسرعون ويموج بعضهم في بعض. فمن قائل: إن السلطان مات، ومن قائل: إن ولده هو الميت. ثم تحققنا ذلك فكان الولد