وكان فيما يجاور بلاده سلطان كافر يسمى بَلال دِيُو "بفتح الباء الموحدة ولام وألف ولام ثانية ودال مهمل مكسور وياء آخر الحروف مفتوحة واو مسكن" وهو من كبار سلاطين الكفار، يزيد عسكره على مائة ألف. ومعه نحو عشرين ألفاً من المسلمين أهل الدعارة وذوي الجنايات والعبيد الفارين، فطمع في الاستيلاء على بلاد المعبر، وكان عسكر المسلمين بها ستة آلاف، منهم النصف من الجياد والنصف الثاني لا خير فيهم ولا غناء عندهم. فلقوه بظاهر مدينة كُبّان فهزمهم ورجعوا إلى حضرة مترة ونزل الكافر على كُبان وهي من أكبر مدنهم وأحصنها وحاصرها عشرة أشهر ولم يبق لهم من الطعام إلا قوت أربعة عشر يوماً. فبعث لهم الكافر أن يخرجوا على الأمان ويتركوا له البلد. فقالوا له: لا بد من مطالعة سلطاننا بذلك فوعدهم إلى تمام أربعة عشر يوماً. وكتبوا إلى السلطان غياث الدين بأمرهم. فقرأ كتابهم على الناس يوم الجمعة فبكوا، وقالوا: نبيع أنفسنا من الله. فإنّ الكافر أن أخذ تلك المدينة انتقل إلى حصارنا فالموت تحت السيوف أولى بنا. فتعاهدوا على الموت وخرجوا من الغد، ونزعوا العمائم عن رؤوسهم وجعلوها في أعناق الخيل وهي علامة من يريد الموت. وجعلوا ذوي النجدة والأبطال منهم في المقدمة، وكانوا ثلاثمائة. وجعلوا على الميمنة سيف الدين بهادور وكان فقيهاً ورعاً شجاعاً، وعلى الميسرة الملك محمد السلحدار. وركب السلطان في القلب ومعه ثلاث آلاف. وجعل الثلاثة آلاف الباقين ساقة لهم وعليهم أسد الدين كيخسرو الفارسي. وقصدوا محلة الكافر عند القائلة وأهلها على غرة وخيلهم في المرعى فأغاروا عليها وظن الكفار أنهم سراق فخرجوا إليهم على غير تعبية وقاتلوهم فوصل السلطان غياث الدين فانهزم الكفار شر هزسمة وأراد سلطانهم أن يركب وكان ابن ثمانين فأدركه ناصر الدين بن أخي السلطان الذي ولي الملك بعده فأراد قتله ولم يعرفه. فقال له أحد غلمانه: هو السلطان فأسره وحمله إلى عمه، فأكرمه في الظاهر حتى جبى منه الأموال والفيلة والخيل، وكان يعده السراح. فلما استصفى ما عنده ذبحه وسلخه وملئ جلده بالتبن فعلق على سور مترة ورأيته بها معلقاً. ولنعد إلى كلامنا فنقول ورحلت عن المحلة فوصلت إلى مدينة فتَّن "بفتح الفاء والتاء والمثناة المشددة ونون" وهي كبيرة حسنة على الساحل، ومرساها عجيب قد صنعت فيه قبة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015