تعظيم ويسمونه الشيخ الكبير. ثم وصلنا بعد ذلك إلى مدينة كُنكار "وضبط اسمها بضم الكاف الأول وفتح النون والكاف الثانية وآخره راء"، وهي حضرة السلطان الكبير بتلك البلاد وبناؤها في خندق بين جبلين على خور كبير يسمى خور الياقوت، لأن الياقوت يوجد به. وبخارج هذه المدينة مسجد الشيخ عثمان الشيرازي المعروف بِشاوُش "بشينين معجمين بينهما واو مضموم" وسلطان هذه المدينة وأهلها يزورونه ويعظمونه، وهو كان الدليل إلى القدم. فلما قطعت يده ورجله صار الأدلاء أولاده وغلمانه. وسبب قطعه أنه ذبح بقرة وحكم كفار الهنود أنه من ذبح بقرة ذبح كمثلها أو جعل في جلدها وحرق. وكان الشيخ عثمان معظماً عندهم فقطعوا يده ورجله وأعطوه مجبى بعض الأسواق.

وكان سلطان كنكنار يعرف بالكُنار "بضم الكاف وفتح النون وألف وراء"، وعنده الفيل الأبيض. ولم أر في الدنيا فيلا أبيض سواه، يركبه في الأعياد ويجعل على جبهته أحجار الياقوت العظيمة. واتفق له أن قام عليه أهل دولته وكحلوا عينيه وولوا ولده وهو هنالك أعمى.

والياقوت العجيب البهرمان إنما يكون بهذه البلدة. فمنه ما يخرج من الخور وهو عزيز عندهم ومنه ما يحفر عنه. وفي جزيرة سيلان يوجد الياقوت في جميع مواضعها وهي متملكة فيشتري الإنسان القطعة منها ويحفر عن الياقوت فيجد أحجاراً مشعبة وهي التي يتكون الياقوت في أجوافها فيعطيها الحكاكين فيحكونها حتى تنفلق عن أحجار الياقوت. فمنه الأحمر ومنه الأصفر ومنه الأزرق ويسمونه النَيْلم "بفتح النون واللام وسكون الياء آخر الحروف". وعادتهم أن ما بلغ ثمنه من أحجار الياقوت إلى مائة فنَم "بفتح الفاء والنون" فهو للسلطان يعطي ثمنه ويأخذه وما نقص عن تلك القيمة فهو لأصحابه. وصرف مائة فنم ستة دنانير من الذهب. وجميع النساء بجزيرة سيلان لهن القلائد من الياقوت الملون ويجعلنه في أيديهن وأرجلهن عوضاً من الأسورة والخلاخيل. وجواري السلطان يصنعن منه شبكة يجعلنا على رؤوسهن. ولقد رأيت على جبهة الفيل الأبيض سبعة أحجار منه كل حجر أعظم من بيضة الدجاج. ورأيت عند السلطان إيري شكروتي سكرجة على مقدار الكف من الياقوت، فيها دهن العود. فجعلت أعجب منها فقال أن عندنا ما هو أضخم من ذلك. ثم سافرنا من كنكار فنزلنا بمغارة تعرف باسم أسطا محمود

طور بواسطة نورين ميديا © 2015