تزال في دار المطلق حتى تتزوج غيره. فحسمت علة ذلك وأتي إليّ بنحو خمسة وعشرين رجلاً ممن فعل ذلك فضربتهم وشهرتهم الأسواق وأخرجت النساء عنهم. ثم اشتددت في إقامة الصلوات وأمرت الرجال بالمبادرة إلى الأزقة والأسواق إثر صلاة الجمعة فمن وجدوه لم يصل ضربته وشهرته. وألزمت الأئمة والمؤذنين أصحاب المرتبات المواظبة على ما هم بسبيله وكتبت إلى جميع الجزائر بنحو ذلك. وجهدت أن أكسو النساء فلم أقدر على ذلك.

وكنت قد تزوجت ربيبة بنت زوجة الوزير عبد الله بن محمد الحضرمي وأحببتها حبا شديداً. ولما بعث الوزير عنه ورده إلى جزيرة المهل بعثت له التحف وتلقيته ومضيت معه إلى القصر فسلم على الوزير وأنزله في دار جيدة فكنت أزوره بها، واتفق أن اعتكفت في رمضان فزارني جميع الناس إلا هو، وزارني الوزير جمال الدين فدخل هو معه بحكم الموافقة فوقعت بيننا الوحشة. فلما خرجت من الاعتكاف شكا إلي أخوال زوجتي ربيبة أولاد الوزير جمال الدين السنجري فإن أباهم أوصى عليهم الوزير عبد الله وأنّ مالهم باق بيده وقد خرجوا عن حجره بحكم الشرع وطلبوا إحضاره بمجلس الحكم. وكانت عادتي إذا بعثت عن خصم من الخصوم أبعث له قطعة كاغد مكتوبة أو غير مكتوبة فعندما يقف عليها يبادر إلى مجلس الحكم الشرعي وإلا عاقبته، فبعثت إليه على العادة فأغضبه ذلك وحقدها لي وأضمر عداوتي ووكل من يتكلم عنه وبلغني عنه كلام قبيح. وكانت عادة الناس من صغير وكبير أن يخدموا له كما يخدمون للوزير جمال الدين، وخدمتهم أن يوصلوا السبابة إلى الأرض ثم يقبلونها ويضعونها على رؤوسهم. فأمرت المنادي فنادى بدار السلطان على رؤوس الأشهاد أنه من خدم للوزير عبد الله كما يخدم للوزير الكبير لزمه العقاب الشديد. وأخذت عليه أن لا يترك الناس لذلك فزادت عداوته، وتزوجت أيضاً زوجة أخرى بنت وزير معظم عندهم كان جده السلطان داود حفيد السلطان أحمد شنورازة، ثم تزوجت زوجة كانت تحت السلطان شهاب الدين. وعمرت ثلاث ديار بالبستان الذي أعطانيه الوزير. وكانت الرابعة هي ربيبه الوزير عبد الله تسكن في دارها وهي أحبهن إلي. فلما صاهرت من ذكرته هابني الوزير وأهل الجزيرة وتخوفوا مني لأجل ضعفهم، وسعوا بيني وبين الوزير بالنمائم، وتولى الوزير عبد الله كبر ذلك حتى تمكنت الوحشة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015