لرسوله: نعم أنا أقيم معه. فعاد إليه ففرح بذلك واستدعاني فلما دخلت إليه قام إلي وعانقني، وقال: نحن نريد قربك وأنت تريد البعد عنا، فاعتذرت له فقبل عذري، وقلت له: إن أردتم مقامي فأنا أشترط عليكم شروطاً، فقال: نقبلها فاشترط. فقلت له: أنا لا أستطيع المشي على قدمي. ومن عادتهم أن لا يركب أحد هنالك إلا الوزير ولقد كنت لما أعطوني الفرس فركبته يتبعني الناس رجالاً وصبياناً يعجبون مني، حتى شكوت له فضربت الدنقرة وبرح1 في الناس أن لا يتبعني أحد والدُنْقُرة "بضم الدال المهمل وسكون النون وضم القاف وفتح الراء" شبه الطست من النحاس تضرب بحديدة فيسمع لها صوت على البعد. فإذا ضربوها حينئذ يبرح في الناس بما يراد، فقال لي الوزير: إن أردت أن تركب الدولة وإلا فعندنا حصان ورمكة2 فاختر أيهما شئت، فاخترت الرمكة فأتوني بها في تلك الساعة وأتوني بكسوة، فقلت له: وكيف أصنع بالودع الذي اشتريته، فقال: ابعث أحد أصحابك ليبيعه لك ببنجالة، فقلت له: على أن تبعث أنت من يعينه على ذلك، فقال نعم. فبعثت حيئذ رفيقي أبا محمد بن فرحان وبعثوا معه رجلاً يسمى الحاج علياً، فاتفق أن هال3 البحر فرموا بكل ما عندهم حتى الزاد والماء والصاري والقربة. وأقاموا ست عشرة ليلة لا قلع لهم ولا سكان ولا غيره. ثم خرجوا إلى جزيرة سيلان بعد جوع وعطش وشدائد وقدم عليّ صاحبي أبو محمد بعد سنة وقد زار القدم وزارها مرة ثانية مع.

ولما تم شهر رمضان بعث الوزير إليّ بكسوة وخرجنا إلى المصلى وقد زينت الطريق التي يمر الوزير عليها من داره إلى المصلى وفرشت الثياب فيها وجعلت كتاتي الودع يمنة ويسرة. وكل من له على طريقة دار من الأمراء والكبار قد غرس عندها النخل الصغار من النارجيل وأشجار الفوفل والموز، ومد من شجرة إلى أخرى شرائط، وعلّق منها الجوز الأخضر. ويقف صاحب الدار عند بابها، فإذا مرّ الوزير رمى على رجليه ثوباً من الحرير أو القطن،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015