العنبة سقطت من بعض البساتين. وكان السلطان ينظر إليه فأمر به عند ذلك فوسط وقسم نصفين وصلب نصفه عن يمين الطريق ونصفه الآخر عن يساره وقسمت حبة العنبة نصفين فوضع على كل نصف منها وترك عبرة للناظرين. ومما اتفق نحو ذلك بقالقوط أن ابن أخ للنائب عن سلطانها غصب سيفاً لبعض تجار المسلمين، فشكا بذلك إلى ابن عمه فوعده بالنظر في أمره وقعد على باب داره فإذا بابن أخيه متقلد ذلك السيف. فدعاه فقال: هذا سيف المسلم. قال: نعم. قال: اشتريته منه. قال لا فقال لأعوانه: أمسكوه ثم أمر به فضربت عنقه بذلك السيف. وأقمت بكولم مدة بزاوية الشيخ فخر الدين بن الشيخ شهاب الدين الكازورني شيخ قالقوط، فلم أتعرف للككم خبراً.

وفي أثناء مقامي بها دخل إليها أرسال ملك الصين الذين كانوا معنا وكانوا ركبوا في أحد تلك الجنوك فانكسر أيضا فكساهم تجار الصين وعادوا إلى بلادهم ولقيتهم بها بعد وأردت أن أعود من كولم إلى السلطان لأعلمه بما اتفق على الهدية. ثم خفت أن يتعقب فعلي ويقول: لم فارقت الهدية؟ فعزمت على العودة إلى السلطان جمال الدين الهنوري وأقيم عنده حتى أتعرف خبر الكَكَم. فعدت إلى قالقوط ووجدت بها بعض مراكب السلطان فبعث فيها أميراً من العرب يعرف السيد أبي الحسن وهو من البرددارية وهم خواص البوابين بعثه السلطان بأموال يستجلب بها من قدر عليه من العرب من أرض هرمز والقطيف لمحبته في العرب فتوجهت إلى هذا الأمير ورأيته عازماً على أن يشتو بقالقوط وحينئذ يسافر إلى بلاد العرب فشاورته في العودة إلى السلطان فلم يوافق على ذلك. فسافرت بالبحر من قالقوط وذلك آخر فصل السفر فيه فكنا نسير نصف النهار الأول ثم نرسو إلى الغد ولقينا في طريقنا أربعة أجفان غزوية فخفنا منها ثم لم يعرضوا لنا بشر. ووصلنا إلى مدينة هنور فنزلت إلى السلطان وسلمت عليه فأنزلني بدار ولم يكن لي خديم وطلب مني أن أصلي معه الصلوات فكان أكثر جلوسي في مسجده. وكنت أختم القرآن كل يوم ثم كنت أختم مرتين في اليوم أبتدئ القراءة بعد صلاة الصبح فأختم عند الزوال. وأجدد الوضوء وأبتدئ القراءة فأختم الختمة الثانية عند الغروب. ولم أزل كذلك مدة ثلاثة أشهر واعتكفت فيها أربعين يوماً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015