سلطان بلاد المعبر حبوباً يأكلها تقويه على الجماع، وكان من أخلاطها برادة الحديد، فأعجبه فعلها فأكل منها أزيد من مقدار الحاجة فمات. وولي ابن أخيه ناصر الدين فأكرم هذا لجوكي ورفع قدره.
ثم سافرنا إلى مدينة جَنْديِري "وضبط اسمها بفتح الجيم المعقود وسكون النون وكسر الدال المهمل وياء مد وراء" مدينة عظيمة لها أسواق حافلة يسكنها أمير أمراء تلك البلاد عز الدين البنتاني وهو المدعو بأعظم ملك وكان خيراً فاضلاً يجالس أهل العلم. وممن كان يجالسه الفقيه عز الدين الزبيري والفقيه العالم وجيه الدين البياني نسبة إلى مدينة بيانة، التي تقدم ذكرها، والفقيه القاضي المعروف بقاضي خاصة وإمامهم شمس الدين وكان النائب عنه على أمور المخزن يسمى قمر الدين ونائبه على أمور العسكر سعادة التلنكي من كبار الشجعان وبين يديه تعرض العساكر. وأعظم ملك لا يظهر إلا في يوم الجمعة أو في غيرها نادراً. ثم سرنا من جنديري إلى مدينة ظهار "وضبط اسمها بكسر الظاء المعجم" وهي مدينة المالوة أكبر عمالة تلك البلاد وزرعها كثير خصوصاً القمح. ومن هذه المدينة تحمل أوراق التنبول إلى دهلي وبينهما أربعة وعشرون يوماً وعلى الطريق بينهما أعمدة منقوش عليها عدد الأميال فيما بين كل عمودين فاذا أراد المسافر أن يعلم عدد ما سار في يومه وما بقي له إلى المنزل أو إلى المدينة التي يقصدها قرأ النقش الذي في الأعمدة فعرفه. ومدينة ظهار إقطاع للشيخ إبراهيم الذي من أهل ذيبة المهل.
وكان الشيخ إبراهيم قدم على هذه المدينة ونزل بخارجها فأحيا أرضاً مواتاً هنالك وصار يزرعها بطيخاً فتأتي في الغاية من الحلاوة ليس بتلك الأرض مثلها ويزرع الناس بطيخاً فيما يجاوره فلا يكون مثله وكان يطعم الفقراء والمساكين فلما قصد السلطان إلى بلاد المعبر أهدى إليه هذا الشيخ بطيخاً فقبله واستطابه وأقطعه مدينة ظهار وأمره أن يعمر زاوية بربوة يشرف عليها فعمرها أحسن عمارة وكان يعطم بها الوارد والصادر وأقام على ذلك أعواماً. ثم قدم على السلطان وحمل إليه ثلاثة عشر لكاً فقال هذا فضل مما كنت أطعمه الناس وبيت المال أحق به فقبضه منه ولم يعجب السلطان فعله لكونه جمع المال ولم ينفق جميعه في إطعام الطعام. وبهذه المدينة أراد ابن اخت الوزير خواجة جهان أن يفتك بخاله ويستولي على أمواله ويسير إلى القائم