من الكفار بأيديهم القسي فأحدقوا بي وخفت أن يرموني رمية رجل إن فررت منهم وكنت غير متدرع فألقيت بنفسي إلى الأرض واستأسرت. وهم لا يقتلون من فعل ذلك فأخذوني وسلبوني جميع ما علي غير جبة وقميص وسروال ودخلوا بي إلى تلك الغابة فانتهوا بي إلى موضع جلوسهم منها على حوض ماء بين تلك الأشجار وأتوني بخبز ماش وهو الجلبان فأكلت منه وشربت من الماء وكان معهم مسلمان كلماني بالفارسية وسألاني عن شأني فأخبرتهما ببعضه وكتمتهما أني من جهة السلطان. فقالا لي: لا بد أن يقتلك هؤلاء أو غيرهم ولكن هذا مقدمهم وأشارا إلى رجل منهم فكلمته بترجمة المسلمين وتلطفت له فوكل بي ثلاثة منهم أحدهم شيخ ومعه ابنه والآخر أسود خبيث وكلمني أولئك الثلاثة ففهمت منهم أنهم أمروا بقتلي فاحتملوني عشي النهار إلى كهف وسلط الله على الأسود منهم حمى مرعدة فوضع رجليه علي ونام الشيخ وابنه فلما أصبح تكلموا فيما بينهم وأشاروا إلي بالنزول معهم إلى الحوض وفهمت أنهم يريدون قتلي فكلمت الشيخ وتلطفت إليه فرقّ لي وقطعت كمي قميصي وأعطيته إياهما لكي لا يأخذه أصحابه في إن فررت.
ولما كان عند الظهر سمعنا كلاماً عند الحوض فظنوا أنهم أصحابهم فأشاروا إلي بالنزول معهم فنزلنا ووجدنا قوماً آخرين فأشاروا عليهم أن يذهبوا في صحبتهم فأبوا وجلس ثلاثتهم أمامي وأنا مواجه لهم ووضعوا حبل قنب كان معهم بالأرض وأنا أنظر إليهم وأقول في نفسي بهذا الحبل يربطونني عند القتل وأقمت كذلك ساعة ثم جاء ثلاثة من أصحابهم الذين أخذوني فتكلموا معهم وفهمت أنهم قالوا لهم لأي شيء ما قتلتموه؟ فأشار الشيخ إلى الأسود كأنه اعتذر بمرضه وكان أحد هؤلاء الثلاثة شاباً حسن الوجه فقال لي: أتريد أن أسرحك؟ فقلت: نعم. فقال: اذهب. فأخذت الجبة التي كانت عليّ فأعطيته إياها وأعطاني منيرة بالية عنده وأراني الطريق فذهبت وخفت أن يبدو لهم فيدركونني فدخلت غيضة قصب واختفيت فيها إلى أن غابت الشمس.
ثم خرجت وسلكت الطريق التي أرانيها الشاب فأفضت بي إلى ماء فشربت منه وسرت إلى ثلث الليل فوصلت إلى جبل فنمت تحته فلما أصبحت سلكت الطريق فوصلت ضحى إلى جبل من الصخر عال فيه شجر أم