حال الناس فقال له لو كان بدهلي اثنان مثل فلان لما شكا الجهد أحد فأعجب ذلك السلطان وبعث إلي بخلعة من ثيابه وكنت أصنع في المواسم وهي العيدان والمولد الكريم ويوم عاشوراء وليلة النصف من شعبان ويوم وفاة السلطان قطب الدين مائة من الدقيق ومثلها لحماً فيأكل منها الفقراء والمساكين، وأما أهل الوظيفة فيجعل أمام كل إنسان منهم ما يخصه ولنذكر عادتهم في ذلك.
وعادتهم ببلاد الهند وببلاد السرا أنه إذا فرغ من أكل الطعام في الوليمة جعل أمام كل إنسان من الشرفاء والفقهاء والمشايخ والقضاة وعاء شبه المهد له أربع قوائم منسوج سطحه من الخوص وجعل عليه الرقاق ورأس غنم مشوي وأربعة أقراص معجونة بالسمن مملوءة بالحلواء الصابونية مغطاة بأربع قطع من الحلواء كأنها الآجر وطبقا صغيراً مصنوعاً من الجلد فيه الحلواء والسموسك ويغطي ذلك الوعاء بثوب قطن جديد ومن كان دون من ذكرناه جعل أمامه نصف رأس غنم ويسمونه الزلة ومقدار النصف مما ذكرناه ومن كان دون هؤلاء أيضا جعل أمامه مثل الربع من ذلك ويرفع رجال كل أحد ما جعل أمامه وأول ما رأيتهم يصنعون هذا بمدينة السرا حضرة السلطان أوزبك فامتنعت أن يرفع رجالي ذلك إذ لم يكن لي به عهد وكذلك يبعثون أيضا لدار كبراء الناس من طعام الولائم.
وكان الوزير قد أعطاني من الغلة المأمور بها للزاوية عشرة آلاف منّ ونفذ لي الباقي في هزار أمروها. وكان والي الخراج بها عزيز الخمار وأميرها شمس الدين البذخشاني. فبعثت رجالي فأخذوا بعض الإحالة وتشكوا من تعسف عزيز الخمار فخرجت بنفسي لاستخلاص ذلك وبين دهلي وهذه العمالة ثلاثة أيام وكان ذلك في أوان نزول المطر فخرجت في نحو ثلاثين من أصحابي واستصحبت معي أخوين من المغنيين المحسنين يغنيان لي في الطريق، فوصلنا إلى بلدة بِجْنَوَر، وضبط اسمها "بكسر الباء الموحدة وسكون الجيم وفتح النون وآخره راء" فوجدت بها أيضاً ثلاثة إخوة من المغنين فاستصحبتهم فكانوا يغنون لي نوبة والآخران نوبة.
ثم وصلنا إلى أمروها وهي بلدة صغيرة حسنة فخرج عمالها للقائي وجاء قاضيها الشريف أمير علي وشيخ زاويتها وأضافاني معا ضيافة حسنة وكان عزيز الخمار بموضع يقال له: أفغان بور على نهر السرو. وبيننا وبينه