بمدينة أكثر سكانها الكفار تعرف بأبحري1 وأمير ها مسلم من سامرة السند وعلى مقربة منها الكفار العصاة فقطعوا الطريق يوماً وخرج الأمير المسلم لقتالهم وخرجت معه رعية من المسلمين والكفار ووقع بينهم قتال شديد مات فيه من رعية الكفار سبعة نفر - وكان لثلاثة منهم ثلاث زوجات فاتفقن على إحراق أنفسهن. وإحراق المرأة بعد زوجها عندهم أمر مندوب إليه غير واجب لكن من أحرقت نفسها بعد زوجها أحرز أهل بيتها شرفاً بذلك ونسبوا إلى الوفاء ومن لم تحرق نفسها لبست خشن الثياب وأقامت عند أهلها بائسة ممتهنة لعدم وفائها ولكنها لا تكره على إحراق نفسها. ولما تعاهدت النسوة الثلاث اللائي ذكرناهن على إحراق أنفسهم أقمن قبل ذلك ثلاثة أيام في غناء وطرب وأكل وشرب كأنهم يودعن الدنيا ويأتي إليهن النساء من كل جهة وفي صبيحة اليوم الرابع أتيت كل واحدة منهن بفرس فركبته وهي متزينة متعطرة وفي يمناها جوزة نارجيل تلعب بها وفي يسراها مرآة تنظر فيها وجهها والبراهمة يحفون بها وأقاربها معها وبين يديها الأطبال والأبواق والأنفار وكل إنسان من الكفار يقول لها أبلغي السلام إلى أبي أو أخي أو أمي أو صاحبي وهي تقول نعم وتضحك إليهم وركبت مع أصحابي لأرى كيفية صنعهن في الاحتراق فسرنا معهن نحو ثلاثة أميال وانتهينا إلى موضع مظلم كثير المياه والأشجار متكاثف الظلال وبين أشجاره أربع قباب في كل قبة صنم من الحجارة وبين القباب صهريج ماء قد تكاثفت عليه الظلال وتزاحمت الأشجار فلا تتخللها الشمس فكأن ذلك الموضع بقعة من بقع جهنم أعاذنا الله منها ولما وصلن إلى تلك القباب نزلن إلى الصهريج وانغمسن فيه وجردن ما عليهم من ثياب وحلي فتصدقن به وأتيت كل واحدة منهم بثوب قطن خشن غير مخيط فربط بعضه على وسطها وبعضه على رأسها وكتفيها والنيران قد أضرمت على قرب من ذلك الصهريج في موضع منخفض وصب عليها روغن كنجت "كنجد" وهو زيت الجُلْجُلان2 فزاد في اشتعالها. وهنالك نحو خمسة عشر رجلاً بأيديهم حزم من الحطب الرقيق ومعهم نحو عشرة