فارساً منهم عرب ومنهم أعاجم، فخرج علينا في تلك الصحراء ثمانون رجلاً من الكفار وفارسان، وكان أصحابي ذوي نجدة وعتّي، فقاتلناهم أشد القتال، فقتلنا أحد الفارسين منهم وغنمنا فرسه وقتلنا من رجالهم نحو اثنى عشر رجلاً وأصابتني نشابة وأصابت فرسي نشابة ثانية ومنّ الله بالسلامة منها، لأن نشابهم لا قوة لها وجرح لأحد أصحابنا فرس عوضناه له بفرس الكافر، وذبحنا فرسه المجروح فأكله الترك من أصحابنا وأوصلنا تلك الرؤوس إلى حصن أبي بَكْهَر فعلقناها على سوره. وكان وصولنا في نصف الليل إلى حصن أبي بَكْهر المذكور "وضبط اسمها بفتح الباء الموحدة وسكون الكاف وفتح الهاء وآخره راء". وسافرنا منه فوصلنا بعد يومين إلى مدينة أَجُودَهَن "وضبط اسمها بفتح الهمزة وضم الجيم وفتح الدال المهمل والهاء وآخره نون" مدينة صغيرة هي للشيخ الصالح فريد الدين البذاوني الذي أخبرني الشيخ الصالح الولي برهان الدين الأعرج بالإسكندرية أني سألقاه فلقيته والحمد لله، وهو شيخ ملك الهند وأنعم عليه بهذه المدينة وهذا الشيخ مبتلي بالوسواس والعياذ بالله فلا يصافح أحداً ولا يدنو منه وإذا ألصق ثوبه بثوب أحد غسل ثوبه. دخلت زاويته ولقيته وأبلغته سلام الشيخ برهان الدين فعجب وقال أنا دون ذلك ولقيت ولديه الفاضلين معز الدين وهو أكبرهما ولما مات أبوه تولى الشياخة بعده وعلم الدين. وزرت قبر جده القطب الصالح فريد الدين البذاوني منسوبة إلى مدينة "بذاوُن" بلد السنبل. "وهي بفتح الباء الموحدة والذال المعجم وضم الواو وآخرها نون" ولما أردت الانصراف عن هذه المدينة، قال لي علم الدين: لا بد لك من رؤية والدي فرأيته وهو في أعلى سطح له وعليه ثياب بيض وعمامة كبيرة لها ذوابة وهي مائلة إلى جانب ودعا لي وبعث إلى بسكر ونبات.
ولما انصرفت عن هذا الشيخ رأيت الناس يهرعون من عسكرنا ومعهم بعض أصحابنا فسألتهم ما الخبر؟ فأخبروني أن كافراً من الهنود مات، وأججت النار لحرقه، وامرأته تحرق نفسها معه. ولما احترقا جاء أصحابي وأخبروا أنها عانقت الميت حتى احترقت معه. وبعد ذلك كنت في تلك البلاد أرى المرأة من كفار الهنود متزينة راكبة والناس يتبعونها من مسلم وكافر والأطبال والأبواق بين يديها ومعها البراهمة وهم كبراء الهنود. وإذا كان ذلك ببلاد السلطان استأذنوا السلطان في إحراقها فيؤذن لهم فيحرقونها. ثم اتفق بعد مدة أني كنت