ونشأت بيني وبين هذا الملك الشريف جلال الدين مودة وتأكدت بيننا الصحبة والمحبة واجتمعنا بحضرة دهلي فلما سافر السلطان إلى دولة أباد كما سنذكره وأمرني بالإقامة بالحضرة قال لي جلال الدين: إنك تحتاج إلى نفقة كبيرة والسلطان تطول غيبته فخذ قريتي واستغلها حتى يعود ففعلت ذلك، واستغللت منها نحو خمسة آلاف دينار جزاه الله أحسن الجزاء.
ولقيت بمدينة أُوجَه الشيخ العابد الزاهد الشريف قطب الدين حيدر العلوي وألبسني الخرقة وهو من كبار الصالحين ولم يزل الثوب الذي ألبسنيه معي إلى أن سلبني كفار الهنود في البحر. ثم سافرت من أوجه إلى مدينة مُلتان "وضبط اسمها بضم الميم وتاء معلوة" وهي قاعدة بلاد السند ومسكن أمير أمرائه. وفي الطريق إليها على مسافة عشرة أميال الوادي المعروف بخسرو أباد من الأودية الكبار لا يجاز إلا بالمراكب. وبه يبحث عن أمتعة المجتازين أشد البحث وتفتش رحالهم. وكانت عادتهم حين وصولنا إليها أن يأخذوا الربع من كل ما يجلبه التجار ويأخذوا على كل فرس سبعة دنانير مغرماً.
ثم بعد وصولنا للهند بسنتين رفع السلطان تلك المغارم وأمر أن لا يؤخد من الناس إلا الزكاة والعشر، لما بايع الخليفة أبي العباس العباسي. ولما أخذنا في إجازة هذا الوادي وفتشت الرحال عظم علي تفتيش رحلي لأنه لم يكن فيه طائل وكان يظهر في أعين الناس كبيراً فكنت أكره أن يطّلع عليه، ومن لطف الله تعالى أن وصل أحد كبار الأجناد من جهة قطب الملك صاحب ملتان، فأمر أن لا يعرض لي ببحث ولا تفتيش فكان كذلك فحمدت الله على ما هيأه لي من لطائفه. وبِتنا تلك الليلة على شاطئ الوادي وقدم علينا في صبيحتها ملك البريد واسمه دهقان وهو سمرقندي الأصل وهو الذي يكتب للسلطان بأخبار تلك المدينة وعمالتها وما يحدث بها ومن يصل إليها فتعرفت به ودخلت بصحبته إلى أمير ملتان.
وهُو قطب الملك من كبار الأمراء وفضلائهم، لما دخلت قام إلي وصافحني وأجلسني إلى جانبه وأهديت له مملوكاً وفرساً وشيئاً من الزبيب واللوز وهو من أعظم ما يهدى إليهم لأنه ليس ببلادهم وإنما يجلب من