صابرة لا يضجرها سائل، ولا يروعها ثعبان النهر وهي حامل. لا جرم أن قلبها قد تقوى بشراب العود، وجسمها قد صبح ببركة الركوع، والسجود مشتغلة بالتصريف إلّا أنها لا تعرف اعتلال العين. عاكفة على التأويب والسرى إلّا أنها لا تشكو بالأين. معربة نصبت فعلها وقلبت أكوابها؟ لتحرّكها وانفتاح ما قبلها. خليلية أعجبها التقطيع، وأظهرت الدائرة التي يخرج منها السريع.
شامخة لها الفلك الثابت العمد، يحل الماء منه بالقوس ثم يحل بالزاوية في الأسد.
جانية على كل روضة غضّة، محلّية لها من مائها المتلون بأساور من فضة. ماثلة لا تعرف الخوف، ضخمة تدور إلى الشرق وتملأ الجوف. قائمة صرفت وفد النسيم أحسن الصرف.
وسجنت الماء لأنه فرّ عند الزحف. إلّا أنها لا تزال تخرجه فيسير بإقبال النور البديع، ويستحلف ربيعه فلا ينكر يوم دولاب استخلاف الربيع.
سامية حازت أعظم البهاء. وغدت وعليها تاج كسرى تنادم ابن ماء السماء، وربما نقضت النهر لما حازت فضله الظاهر استعلاء. حسنة السرائر. ماؤها في قلبها خاطر من الخواطر. مهتدية إلى الري اهتداء الطيف، غير مكترثة وقد انتحت أكوابها من نهرها بالسيف. مصلحة إذا أيبس الأصحاب بينهم الثرى. ممتطية من مائها الأفجر فلا غرو إن جرى. وفيه ضمنت للروض نجاز الوعود، وطلع عليها سعد مولانا أيّده الله وهو سعد السعود، فلا غرو أن أرى جريان الماء في العود.
ومن العجائب أن دولابها معظم عند بني مرين وهو عند الوادي، مضيق عليه وهو يجود بأعظم من صوب الغوادي. ويسر الجار الجنب لا سيما إذا قرب الصباح ونادي المنادي.
وكم أظهر في خدمة الصالحين من فعل الأكياس، إلّا أنه إذا ذكر له رأس الماء أحب دورانا في الرأس.
راقية إذا شكا الماء بداء الضرع، وإن ارتفع خشبها الذي أمن من الصدع. سقت بمثل الكافر. هو الأرزة مثل المؤمن، وهي خامة الزرع، فلله درّها حين أتت من المحاسن بفنون. وكشفت عن مجنون؟ لا يتاح به منجى نون. فروت من سيلها عن المنكدر، ودارت على القطب فعرفته معرفة المختبر. ورأت بالزاوية الابدال. وعرفت المقامات والأحوال، فلو نطقت لقالت: ما النية إلّا نيّتي، وأنشدت مخاطبة نواعير المصارة: وما شرب العشاق إلّا بقنتي.
ولا أعجب منها حين اتحفت بالسقط، وأبهجت بنقطها ولا بد للدوائر من النقط. فهي الطاهرة القلب، المحبوبة القرب، التي تأدّب الماء مع أكوابها، ما أتى بيوتها إلّا من أبوابها.
وقصد بالزاوية الأخيار، وقيل ذا الجدار وذا الجدار.