يحن إلى وطنه ويرغب في العودة إليه، فقد نسي ما لاقاه من مرّ العيش، فوطنه الذي لم تتفتّح فيه برعمة واحدة من أماليه وأمانيه، هو وطنه الذي تتوق إليه نفسه ويخلد فيه إلى الراحة والسكينة. وتخبرنا كتب التراجم أن الزمخشري بعد أن طالت إقامته بمكة من رحلته الثانية عاود الحنين إلى وطنه مرّة أخرى، ولكن هذه المرّة عاد إليه شيخاً كهلًا ليصبح فخر خوارزم ومرجع العلماء بعد أن علت شهرته في أنحاء العالم الإسلامي.
أقام الزمخشري بخوارزم بعد رجوعه من مكة المكرّمة إلى أن توفّاه الله ليلة عرفة سنة 538 هـ بجرجانية، وكان قد أوصى بأن تكتب على قبره هذه الأبيات:
يا من يرى مدّ البعوض جناحها ... في ظلمة الليل البهيم الأليل
ويرى عروق نياطها في نحرها ... والمخّ في تلك العظام النّحّل
اغفر لعبدٍ تاب من فرطاته ... ما كان منه في الزمان الأول
تتلمذ الزمخشري على أعلام مشهورين في الفكر الإسلامي استقى من مناهلهم، ولم يأنف، حتى وهو شيخ، أن يجلس جلسة الطالب المستزيد مع ما وصل إليه من مكانة علمية عظيمة. وكان من أبرز شيوخه:
- محمود بن جرير الضبي الأصفهاني: درس عليه النحو والأدب.
- الشيخ أبو الحسن علي بن المظفّر النيسابوري الضرير: أخذ عنه الأدب.
- الشيخ السديد الخياطي: أخذ عنه الفقه.
- ركن الدين محمد الأصولي: أخذ عنه الأصول.
- شيخ الإسلام أبو منصور نصر الحارث، وأبو سعد الشقاني النيسابوري، والمحدث أبو الخطاب نصر بن أحمد بن عبد الله البطر: أخذ عنهم الحديث.