رجح من أقوال المذاهب الأربعة ويوفق مع الأقوال قوانين السياسة، وتصير كل الأحكام على ذلك الكتاب، ويبطل الاستفتاء من بقية المذاهب الأربعة. وكان قصد محمد علي من ذلك قطع المشاكل على الأقوال الراجحة بلا اختلاف في أقوال المذاهب، فبدأ ابن العنابي في تأليف ذلك الكتاب (?).
ولما ولي عباس باشا سنة 1265 سعت المشائخ والمفتيون في إبطال هذا الكتاب وافهموا الوالي أن ذلك مما يوجب ضعف الديانة المحمدية واندراسها، وهذا لا يجوز (?) وأفهوه ايضا أن ابن العنابي رجل خارجي زنديق. وقصدهم من ذلك ارتزاقهم من الفتاوى على الاختلاف في المذاهب. وما زالوا به حتى نقم عليه وعزله في تلك السنة، وهي سنة 1266، وولى الفتوى الشيخ محمد البنا (?) مكانه.
وأقام ابن العنابي في بيته مبتعدا عن التداخل في الأمور المذكورة إلى أن توفي في ربيع الأول، سنة 1267 (?) وقد ((كان إماما فاضلا، عارفا بالعبادات والأحكام في المذاهب الأربعة على اختلافها واختلاف أقوالها والراجح منها والضعيف فيها، وعالما في باقي المنقول والعقول، والسياسات العمومية والخصوصية، الخارجية والداخلية)).
((وله أشعار وتقاريظ .. وله غير ذلك مما هو مشهور، وفضله يغني عن ثبت قريض أو إنشاء له)).