دخول الفرنسيين مدينة الجزائر أقام ابن العنابي في بيته مطيعا لهم في الظاهر وفي باطن الامر كان يخاطب العربان والعربان يخاطبونه على إثارة الحرب من جديد، فبلغ ذلك الفرنسيين، فهجموا على داره. فلما استشعر الهجوم رمى بالأوراق في بيوت الخلا، ففتشوا فلم يجدوا شيئا، فتوقفوا عنه. ولكن ابن العنابي خاف مغبة الأمر بحيث يوشي به أحد مبغضيه إلى الفرنسيين أو يختلق رسالة يمسكونه بها فتوجه إلى الإسكندرية (?).
وعند حضور ابن العنابي الإسكندرية صادف وفاة مفتيها الشيخ خليل السعدان، فولاه محمد علي والي مصر فتوى الحنفية بدلا عنه. وقد بقي ابن العنابي على ذلك الحال إلى سنة 1266. ذلك أنه في أوائل هذه السنة نقم عليه عباس باشا والي مصر، وحفيد محمد علي، فعزله من الافتاء.
وسبب ذلك العزل أنه في آخر عهد محمد علي صارت أرباب الدعاوى تستفتي المفتيين الفتاوى، واذا ظهر الحق بيد من تكون معه الفتوى يستفتي المدعي عليه بفتوى أخرى على اختلاف أقوال المذاهب، وتعاد رؤية الدعوى، وهكذا. وقد كثر ذلك من أرباب الدعاوى في الفتوى وارتشاء المفتين. فمل من ذلك محمد علي وأحضر إليه ابن العنابي وأمره بتأليف كتاب يجمع فيه ما