يا أيها المولي الإمام ومن له ... الثناء باق على التأييد
أبشر فقد فقت البرية كلها ... علماً بلا شك ولا ترديد
عمر بن بندار بن عمر أبو الفتح كمال الدين التفليسي، مولده بتفليس سنة اثنتين وست مائة
- تخميناً - تفقه على مذهب الشافعي رحمة الله عليه، وقرأ الأصولين وغيرهما من العلوم، وبرع في ذلك، وسمع وحدث ودرس وأفتى وولي القضاء بدمشق مدة زمانية، وكان محمود السيرة، مشكور الطريقة؛ وقدم القاهرة وأقام بها مدة يشغل الطلبة بعلوم عدة في غالب أوقاته، ووجد الناس به نفعاً كثيراً. وتوفي ليلة الرابع عشر من شهر ربيع الأول بالقاهرة، ودفن من الغد بسفح المقطم. وكان إماماً عالماً فاضلاً متبحراً في العلوم مع الديانة الوافرة والعفة المفرطة وشرف النفس مع عدم المال رحمه الله تعالى. ولما تملك التتر الشام في سنة ثمان وخمسين وست مائة، سير له تقليد بقضاء الشام بأسره والجزيرة والموصل وغير ذلك من البلاد المجاورة لها، وباشر ذلك مدة يسيرة إلى حين قدم قاضي القضاة محي الدين يحيى بن الزكى رحمه الله متولياً من جهة هولاكو، فتوجه القاضي كمال الدين إلى حلب وأعمالها متولياً لها، وكان في تلك الأيام اليسيرة قد فعل من الخير والإحسان والذب عن الرعية ما يقصر عن الوصف، وكان مسموع القول عند نواب التتر بدمشق، لا يخالفونه: