بالمستعرب الصالحي النجمي، كان مملوكاً لنجم الدين محمد بن يمن، ثم انتقل إلى ملكية الملك الصالح نجم الدين أيوب - رحمه الله - وأمّره ثم ترقى بعد وفاته إلى أن عد من الأعيان الأمراء أكابرهم، ثم لما تملك الملك المظفر سيف الدين قطز - رحمه الله - رفع من شأنه وجعله أتابك العساكر وعلق أمور المملكة جميعها به، فكان مدار الدولة بأسرها عليه وهو المتحكم فيها لا يضاهيه أحد ولا يعارضه فيما يفعل. ثم لما قتل الملك المظفر - رحمه الله - على الصورة المشهورة تشوف إلى السلطنة أكابر الأمراء فقدم الأمير فارس الدين الملك الظاهر ركن الدين وسلطنه وحلف له في الوقت فلم يسع بقية الأمراء إلا الموافقة، فتم أمره ورأى له ذلك واستمر على حاله عنده في علو المنزلة ونفاذ الأمر وكثرة الإقطاع والرواتب، وبقي على ذلك مدة سنتين، لكن الملك الظاهر يختار الراحة منه في الباطن ولا يسعه ذلك لافتقاره إليه ولعدم وجود من يقوم مقامه، فإنه كان من رجال الدهر حزماً وعزماً ورأياً وتدبيراً وخبرة ومعرفة ورئاسة ومهابة، فلما نشي الملك الظاهر الأمير بدر الدين بيليك الخزندار - رحمه الله - أمره بملازمته والاقتباس منه والتخلق بأخلاقه، فلازمه مدة. فلما علم الملك الظاهر منه الاستقلال بذلك جعله مشاركاً له في أمر الجيش، وقطع الرواتب التي كانت للأتابك واقتصر به على ما له من الإقطاعات؛ فجمع نفسه وتبع مراد الملك الظاهر، ثم قبل وفاته بمدة - لعل قريب