حسن التدبير والسياسة محبوباً إلى الخاص والعام مطاعاً في الجند وغيرهم تعلوه الهيبة والوقار وأمه وأم أخوته ابنة شهاب الدين المطهر بن الشيخ شرف الدين أبي سعد عبد الله بن أبي عصرون، وكانت أرضعت الملك الكامل فكان أولادها الأربعة أخوته من الرضاعة وكان يحبهم ويعظمهم ويرى جانبهم ويقدمهم كثيراً خصوصاً الأمير فخر الدين فإنه لم يكن عنده في مكانته لا يطوي عنه سراً ويعتمد عليه في سائر أموره ويثق به وثوقاً عظيماً ويسكن إليه ظاهراً وباطناً ونال الأمير فخر الدين وأخوته من السعادة ما لا ناله غيرهم، ولما ملك الملك الصالح نجم الدين البلاد أعرض عن الأمير فخر الدين وأطرحه واعتقله ثم أفرج عنه وأمره بلزوم بيته ثم ألجأته الضرورة إلى ندبه في المهمات لما لم يجد من يقوم مقامه فجهزه إلى بلاد الملك الناصر داود رحمه الله فأخذها على ما تقدم ولم يترك بيده سوى مسور الكرك ثم جهزه لحصار حمص ثم ندبه لمقاتلة الفرنج فاستشهد على ما ذكرنا، وكان الأمير فخر الدين معماً في أول أمره فألزمه الملك الكامل أن يلبس الشربوش وزي الجند فأجابه إلى ذلك فأقطعه منية السودان بالديار المصرية ثم طلب منه أن ينادمه فأجابه إلى ذلك فأقطعه شبراً فقال ابن البطريق الشاعر:
على منية السودان صار مشربشا ... وأعطوه شبراً عند ما شرب الخمرا
فلو ملكت الفرنج مصر وأنعموا ... عليه ببيوس تنصر للأخرى
وقال فيه وفي عماد الدين أخيه وكان يذكر الدرس بالمدرسة التي