من الكنانية فألقى الله في قلوبهم الرعب فخرجوا هم وأهل دمياط على وجوههم طول الليل ولم يبق بدمياط أحد البتة، ورحلوا تحت الليل مع العسكر هاربين إلى أشمون طناج ولو غلقوا أبوابها وأقاموا بها مع مشيئة الله لم يقدر العدو عليها ولما كان صباح الأحد جاء الفرنج إلى دمياط فوجدوها صفراً من الناس وأبوابها مفتحة فملكوها صفوا عفواً واحتووا على ما فيها من العد والأسلحة والذخائر والأقوات والمجانيق، فلما وصلت العساكر وأهل دمياط إلى الملك الصالح حنق على الكنانيين فشنقهم جميعهم وكان فيهم شيخ له ابن فسأل أن يشنق قبل ولده لئلا يراه فحمل الملك الصالح ما عنده من الجبروت وقلة الرحمة والحنق على أن شنق الولد قبل والده وعينه تراه ثم شنق والده بعده وعظم على الناس شنق الكنانيين وأطلقوا لسنتهم بسبب الملك الصالح وكونه تزود بدمائهم وهو في آخر رمق وقد يئس من نفسه ولم يمكنه أن يقول للأمير فخر الدين وبقية العسكر شيئاً لقوة مرضه وعجزه، ثم رحل الملك الصالح بالعساكر إلى المنصورة وهي شرقي النيل فنزل بقصرها الذي أنشأه الملك الكامل بها وضرب دهليزه إلى جانبه وكان استقراره بالمنصورة يوم الثلاثاء لخمس بقين من صفر وشرعت العساكر في تجديد الأبنية وقامت بها الأسواق وأصلح السور الذي كان على البحر وستر بالستائر وجاءت الشواني والحراريق