وأشدهم بأساً متديناً بدين النصرانية مرتبطاً به فحدثته نفسه أن يستعيد البيت المقدس وعلم أن ذلك لا يتم له إلا بتملك الديار المصرية فقصدها سنة سبع وأربعين وكان جمعه يزيد على خمسين ألف وقيل كان يزيد على مائة ألف بكثير، وبلغ الملك الصالح نجم الدين ما عزم عليه من قصد الديار المصرية فأخذ في جمع الذخائر والأقوات والزرد خاناة وآلات الحرب بدمياط واستكثر من ذلك وهيأ الشواني بالصناعة وعمرها بالرجال والعدد وأمر الأمير فخر الدين يوسف ابن شيخ الشيوخ أن ينزل على جيزة دمياط في العساكر مقدماً عليها فنزل بها وبينه ويبن دمياط بحر النيل، وأقام الملك الصالح بأشمون طناج فلما كان ثاني ساعة من نهار الجمعة لتسع بقين من صفر سنة سبع وأربعين وصلت مراكب الفرنج وفيها جموعهم العظيمة وقد انضم إليهم فرنج الساحل فأرسلوا بإزاء المسلمين.
وفي يوم الجمعة ثاني يوم نزولهم شرعوا في الخروج إلى البر الذي فيه المسلمون وضربت خيمة عظيمة حمراء لريدا فرنس وناوشهم بعض المسلمين فاستشهد في ذلك اليوم الوزيري وهو من أمراء الديار المصرية والأمير نجم الدين بن شيخ الإسلام وكان رجلاً صالحاً رحمهما الله، فلما أمس المسلمون رحل بهم الأمير فخر الدين وقطع بهم الجسر إلى البر الشرقي الذي فيه دمياط وخلا البر الغربي للفرنج ثم رحل بالعساكر طالباً أشمون طناج وخلا البر الشرقي والغربي من عساكر المسلمين فخاف أهل دمياط على أنفسهم وكان بها جماعة شجعان