وكان مقصودهم أن يكشفوا البلاد ويسلكوها ويخبروا طرقها ليبقى لهم بذلك أنسه، فجاء الرسول إلى الملك الكامل وقال له الملوك والمقدمون يسلموا عليك وقالوا مقصودهم القدس وإنما قصدوا هذه البلاد ليأخذوها ويتوصلوا بها إلى القدس فأنت تسلم إليهم القدس وتأخذ دمياط فأجابهم إلى ذلك وعادوا بالجواب بعد أن أقاموا عنده أياماً وليس قصدهم إلا كشف البلاد لا غير، ثم جاء رسول آخر بالشرح في تقرير هذه القواعد واشتراطات تقتضي المراجعة وتكرر ترداد الرسل ولم يزالوا على هذا المنوال وكل رسول يحضر لا يعود بنفسه ولا أحد ممن معه إلى أن لم يبق من أعيانهم من لا حضر ورأى البلاد وخبرها حسبما أمكن، فلما بلغوا مقصودهم من ذلك حضر رسول يطلب تسليم ما تقرر فقال الملك الكامل سيروا نوابكم يتسلموا القدس وسلموا لنا دمياط فقال الرسول والكرك قال الملك الكامل والله هذا ما سمعته إلى الآن وبعد فالكرك ليست لي ولا بحكمي الكرك لأخي الملك المعظم ولو رمت أن أراها بعيني ما مكنني منها والقدس له أيضاً ولكني استطلقه منه فانفصلوا على غير شيء وقد حصل مقصود الفرنج من رؤية البلاد وكشفها بهذه الحلية.
وقال الشيخ شمس الدين أبو المظفر لما أخذت دمياط كان الملك المعظم عند الملك الكامل فبكيا بكاء شديداً وتأخرت العساكر عن تلك المنزلة ثم قال الكامل للمعظم قد فات ما ذبح وجرى المقدور بما