الفرنج وأهلكهم ورزق المسلمين النصر من حيث لم يحتسبوا فأسر ريداً فرنس وبقي أياماً كثيرة بيد المسلمين ثم أطلق عبد تسلم دمياط من الفرنج وتوجه إلى بلاده وفي قلبه ما فيه مما جرى عليه من ذهاب أمواله ورجاله وأسره فبقي في بلاده ونفسه تحدثه بالعود إلى الديار المصرية وأخذ ثأره فجمع جموعاً عظيمة وأهتم اهتماماً كثيراً لذلك في مدة سنين إلى سنة ستين وستمائة عزم على التوجه إليها فقيل له إنك إن قصدت ديار مصر ربما يجري لك مثل ما جرى في المرة الأولى والأولى أن تقصد تونس من بلاد إفريقية وكان ملكها يومئذ محمد بن يحيى بن عبد الواحد ويلقب المستنصر بالله ويدعى له على منابر إفريقية بالخلافة فإنك إن ظهرت عليه وملكت إفريقية تمكنت من قصد الديار المصرية في البر والبحر فأصغي إلى هذا الرأي وقصد تونس في عالم عظيم ونازلها وكان أن يستولي عليها وكان معه جماعة من الملوك فأوقع الله تعالى في عسكره وباء عظيماً فهلك ريداً فرنس وجماعة من الملوك الذين معه بظاهر تونس في هذه السنة ورجع من بقي منهم إلى بلاهم بالخيبة ووصلت البشرى بذلك إلى الملك الظاهر ركن الدين رحمه الله فكتب إلى سائر بلاده بها.
وكانت نوبة المنصورة المشار إليها من أعظم الوقائع وأجلها نصر الله فيها الإسلام وتداركه بلطفه ورحمته فلا بأس بشرح الحال فيها على وجه الإجمال فقد يقف على هذه الترجمة من لم يطلع على تفصيل الحال