وتوفي رحمه الله بمكة شرفها الله تعالى في ليلة الأحد مستهل جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين وست مائة، ودفن من الغد بالمعلى، وسمع من مشايخ الطريق، وأخذ عنهم، وكان خصوصه بالشيخ أبي عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم القرشي الهاشمي الصالح العارف المشهور الذي لم يكن في زمانه مثله. وكان كثير الابتلاء والرضى به، وروى عنه شيئاً كثيراً من كلامه مما رواه عنه أنه قال: من لم يدخل في الامور بالادب لم يدرك مطلوبه وسمعه يقول: الذم الأدب وحدك من العبودية، ولا تتعرض لشيء، فإن أرادك لشيء هيأك له. وسمعه يقول: العاقل يأخذ من الأمور ما صفا، ويدع التكلف فإنه تعالى يقول: " وإن يردك بخير فلا راد لفضله "، وسمعه يقول: إذا أخذت في الأمور فاختر أيسرها، وإلا أسأت الأدب. وسمعه يقول: النافلة لمن أكمل الفريضة. وسمعه يقول: من لم يعرف الزيادة من النقصان في هذه الدار فهو محجوب. وسمعه يقول: من لم يراع حقوق الإخوان يترك حقوقه وحرم بركة الصحبة. وسمعه يقول: من لم يكن له مقام من التوكل، كان ناقصاً في توحيده. وسمعه يقول: لا يصلح التعلم في هذا الشأن إلا لمن يعز عليه فرضه، وخاف العقوبة من ترك الكلام. وسمعه يقول: من نظر إلى المشايخ بعين العصمة حجب رؤيتهم. وروى عنه شيئاً كثيراً رحمة الله عليه. وكان الشيخ أبو عبد الله من السالكين الأبرار الأولياء، ذكره المرحوم تاج الدين بن الأثير في مختصره، فقال: