فكل الذي تبغيه مني حاصل ... وما أبتغي منها فمن دونها المطل
تريد الذي لا أستطيع لحظها ... وبعض الذي تبغيه أيسره القتل
تكلفني بذلي إلى الناس مهجتي ... وما عند حر بذل مهجته سهل
فكيف خلاصي يا أخي من وثاقها ... وهل لأسير النفس من قيدها حل
فوا أسفي لهفي لما بي لقد وهت ... قوى حيلتي وانسد بي وجهة السبل
لقد خبت إن لم يدركني بلطفه ... ورحمته رب له اللطف والفضل
وها أنا مستهد فكن لي راشداً ... أبا حسن فالرشد أنت له أهل
ولا زلت تهدي للرشاد سبيله ... على منهج عدل فأنت الرضى والعذل
وأبقاك رب الخلق تحيي كتابه ... مدى الليل والأيام تتليه وتتلو
فنحن إذا أبقاك للدين ربنا ... بخير وتحيي الفرض في العلم والنقل
قال الشيخ جمال الدين منشئها رحمهما الله تعالى: فكتب إلي رحمة الله عليه على كبره وضعفه مجيباً بهذه الأبيات التي حوت معاني رائقة، ولفظاً عجيباً، وهو يشكو ما شكوته، ويرجو من عفو ربه وغفرانه ما رجوته وهي:
إلى الله أشكو ما شكوت من اللتي ... لها عن هدى عدل وليس لها عدل
تجور عن التحقيق جوراً أخي عمى ... وقد وضحت منه لسالكها السبل
وكيف أرجى أن يتوب وللهوى ... عليها يد سلطانه ما له عزل
إلى غير مولاها توجه في الذي ... تريد وتخشى والخضوع له ذل
وقد سترت عنها العيوب فما لها ... بما هي فيه خبرة لا ولا عقل
وليس لها في طاعة الله لذة ... لقسوتها لا الفرض ترجى ولا النفل