هذه السنة أعني سنة خمس وثمانين وست مائة بداره، ودفن بسفح قاسيون بتربة ابن نظيف المطلة على الجامع المظفري بسبب زوجته فإنها من ذرية ابن نظيف، ودفنت عنده رحمهما الله تعالى.
محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن سمحان أبو بكر جمال الدين الوائلي البكري الشافعي الشريشي. كان إماماً عالماً فاضلاً زاهداً ورعاً، طلب للقضاء بدمشق عوض الشيخ زين الدين الزواوي فامتنع، وكان من أعيان العلماء وأكابر المحدثين، ومولده بشريش بلدة بقرب إشبيلية من بلاد الأندلس سنة إحدى وست مائة، وتوفي إلى رحمة الله تعالى يوم الاثنين ثامن عشر رجب سنة خمس وثمانين وست مائة بالصالحية برباط الملك الناصر، وهو شيخه يومئذ. ودفن بسفح قاسيون تجاه الرباط الناصري يوم الثلاثاء، وكان مالكي المذهب، وله معرفة بالأدب، وله يد في النظم. وقال رحمه الله ورضي عن سلفه الصالح: لما أتى شهر رمضان الكائن سنة أربعين وست مائة، وأنا بدمشق حرسها الله تعالى أردت أن أريح نفسي من كد المطالعة والتكرار. وأصرف همتي إذ كنت كثير البطالة إلى المواظبة على نوافل الصلوات والأذكار، فحين شرعت في ذلك وجدت في قلبي قسوة. ورأيت في صارم عزيمتي عن المضاء فيها نبوة، وقدت نفسي إلى العبادة بزمام الحرص، فحزنت وما انقادت، وضربتها بسوط الاجتهاد، فمادت على جرانها بل زادت، فلما رأيت ذلك منها، علمت أن داءها صار عضالاً،