ذيل مراه الزمان (صفحة 1600)

عين شمسه، والمقل التي تطرق من أنجمه، وقد نصبت عليه من المجانيق ما سهامه أقتل من سهام الجفون، وخطراته أسرع من لحظات العيون، لا يخاطب إلا بواسطة رسله الصم الصلاب، ولا يرى لسان سهمه إلا كما يرى خطفات البرق إذا تألق في علو السحاب، فنزلت عليه الجيوش المنصورة نزول القضاء، وصدمته بهممها التي تستعير فيها الصوارم سرعة لمضاء وروعة الانتضاء، فنظرت منا حصناً قد رد عليه الجو جيب غمامه، وافتر بعزة، كلما حذر عليه البرق، فاضل لثامه، فذللت صعابه، وسهلت عقابه، وركزت الخبويات في سفحه، وطالما رامت الطير أدناه، فلم يقومها القوادم، وكم همت العواصف أن تبتسم رباه، فأصبحت محلقة تبكي عليها الغمائم، فعاد مصفحاً بصفاحها مشرفا بما علا من أسنة رماحها، وأرسلت إلى أرجائها ما أربى على العمائم، وزاد في لفحه على السمائم. وكان بها مثل الجنوب فأصبحت. ومن حيث القتلى عليها تمائم. ونصبت أمامه المجانيق المنصورة، فلم ترع حق حسبها، وسطت على نظائرها، فأصبح غدها في التحامل أبعد من أمسها، واستنهضها العدى، وأعلمتهم أنها لا تطيق الدفاع عن غيرها، بعد أن عجزت عن نفسها، وبسطت أكفها أمارة على الإذعان، ورفعت أصابعها، إما إجابة إلى بذل التشهد، وإما إنابة إلى طلب الأمان، فخوفوا من ظهور هذا الاستظهار، وعلموا أن المجانيق المنصورة فحول لا تثبت لها الإناث التي عريت من النفع بأيديهم، واستعانوا عليهم مع الغرى بطول الحذار، فعند ذلك غدت تكمن كمون الأوساد، ووثبت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015