ذيل مراه الزمان (صفحة 1575)

والناس يتردد إلى بابه وخدمته، ويحضر مجلسه فضلاء بغداد وغيرها، ويجازيهم في العلوم، ويبالغ في الاحسان إليهم، ويمد لهم السماطات الهائلة، وله أموال كثيرة، وآلات نفيسة، وكتب عظيمة، وكان مسكنه آخر وقت في دار الدوادار الصغير على الجسر الجديد، وله يد في النظم والنثر، وكان بين يديه من أمكانات الفضلاء جماعة كثيرة، وتفضلات على سائر الناس، ومكارم أخلاق، وطلاقة وجه، لا يعسف أحداً ولا يظلمه، والناس في أيامه كأيام الخلفاء، وأهل بغداد وغيرها عاكفون على محبته والدعاء له، وعمل في جامع الكوفة بركة عظيمة، ينزل إليها بدرج، وعمل مشهد على رضوان الله عليه رباطاً مزخرفاً، وساق إليه المياه العظيمة من النهر الذي حفره من الفرات مبدأه من الأنبار، وأوصله إلى المشهد، وعمر عليه نحو مائة وخمسين قرية. وغرم عليه من الأموال ما لا يحصى، وحصل بذلك للناس رفق عظيم، فإنهم كانوا يردون الماء قبل عمله من مسافة بعيدة كالصالحية من دمشق، وأبعد، وزرع على هذه المياه النخيل العظيمة، والبساتين، والكروم، والبقول، وكانت أولاً كأرض الحجاز، وكانت سيرته من أحسن السير وأجملها. وأعدلها بالرعية، وأنصفها للمظلوم. عمر البلاد جميعها، وأسقط عن المزارعين مغارم كثيرة كانت من زمن الخلفاء. وكان أخوه الصاحب شمس الدين وزير البلاد في خدمة الملك حيث كان، وكان من صدور الاسلام، وله الكلمة النافذة والأمر المطاع، إماماً عالماً فقيهاً في مذهب الشافعي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015