ذيل مراه الزمان (صفحة 1569)

عاشر ذى القعدة بعد نزولهم من تبوك بفلاة تعرف بالديسة، وغسل، وكفن، وصلى عليه، وحمل إلى المدينة الشريفة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ودفن بالبقيع بين قبة سيدنا إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبة العباس رضي الله تعالى عنه، ضحى يوم الخميس الرابع والعشرين من ذى القعدة، وكان رجلاً فاضلاً، معروفاً بالديانة والعلم، وله يد طولى في النظم، فمن شعره ما اعتذر به عن زيارة قادم، يقول:

قدمتم فجاء الناس يسعون نحوكم ... وما عندهم لاعج الشوق ما عندي

فنكبت عنهم لا لأني مقصر ... ولكن لكي أحضر بخدمتكم وحدي

قال: وكتبت بها إلى الملك المنصور ناصر الدين محمد صاحب حماة رحمه الله:

خدمتك في الشباب وها مشيبي ... أكاد أحل منه اليوم رمسا

فراع لخدمتي عهداً قديماً ... وما بالعهد من قدم فينسى

وقال أيضاً رحمه الله تعالى:

وكم محنة لله في طي محنة ... وبالعكس لو أن امرأ يتيقظ

ومن قبل الأيام خيراً يعظنه ... بما قلت والأيام بالدهر توعظ

وقال أيضاً رحمه الله:

إذا شمت من تلقاء أرضكم برقا ... فلا أضلعي تهدأ ولا أدمعي ترقا

وإن ناح البان ورق حمائم ... سحيرا فنوحي في الدجى علم الوقا

وحقكم ما كان حبي تخلقاً ... فأسلوكم بل كان حبي لكم حقا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015