أبو محمد عز الدين الأنصاري المقدسي المولد، المصري الدار والوفاة، الواعظ المشهور. كان شاباً فاضلاً عالماً، اشتغل أول عمره بالكتاب العزيز، ثم بالعلم، فحصلت له مشاركة جيدة، ثم بعد ذلك لازم كلام جده الشيخ غانم رحمه الله فانتفع به، وكان مبدأ شروعه في الواعظ أنه طلب منه مجلس تذكير في حال الخلوة ابن عمه أبو الحسن في حياة عمه الشيخ عبد الله فأطربه، وبلغ الشيخ عبد القادر ذلك فطلبه إليه، وسأله الجلوس، فجلس واشتهر وقصد لسماع كلامه لا عن قصد منه، ثم توجه إلى الديار المصرية، فطلب منه الجلوس بها فجلس وحصل له قبول، فأقام بالقاهرة، وبنى له زاوية وبالغ جماعة في الناس في الاحسان إليه، فأقام بالديار المصرية على كره لفراق والده وأهله، وعقد بها مجالس، وفتح عليه في ذلك، قيل: إنه كان يعمل خطب المواعيد ارتجالاً، ولا يثبت شيئاً يقوله، وكان يتردد إلى القدس لزيارة والده وأهله، ويتردد من القدس إلى دمشق فيجلس بها في الجامع الأموي، ويحضر مجلسه جماعة من العلماء والفضلاء والزهاد وغيرهم، ويستحسنون كلامه، وينتفعون به، وعمل بدمشق مجلساً في حدود السبعين والستمائة فارتجل فيه خطبة، أولها:
" الحمد لله الذي ملأ الوجود جوداً وإحساناً. وأسبغ على كل موجود من سوابغ نعمه سراً وإعلاناً. وجعل السجود لقربان حضرته قرباناً. وأوفر القلوب بتحقيق شهوده اتقاناً. نور بصائر أوليائه، فشاهدوه بعين اليقين عياناً. كلما جليت عليهم صفاته، هاموا إليها ولهاناً. وإذا تليت عليهم آياته زادتهم