ذيل مراه الزمان (صفحة 1308)

ثوى منه في روض أريض أنيسه ... تقى كان في كل الأمور مصاحبه

مضى وينأى كالنجوم لأنه ... مدى الدهر لا ينفك يطلع غاربه

وولي ودمعي مثل جود يمينه ... وفيض إياديه سواد سواربه

أمرّ عليّ إيثاره ودياره ... فيلعب بي حزناً عليه ملاعبه

وترفع حجب الهدب عن ماء أدمعي ... ويخفض طرفي عن سواه مناصبه

ألا يا فؤادي دم حبيساً على الأسى ... فقد حقق الدهر الذي أنت راهبه

وقد أوجد الوجد المبرح فقده ... وشابت هنى العيش فيه شوائبه

وأصلى فؤادي فقده النار فالذي ... ترفّقه أجفان عينيّ ذائبه

تضعضع طود العلم والحلم بعده ... وحدّت عليه يوم مات ذوائبه

وأضحى أخياً إذ أتاه نعيه ... ودكت أعاليه ورجت جوانبه

وأصبح بحر الفضل ملحاً نميره ... وطاميه الطامي سواء وناضبه

إليه انتهى علم البلاغة وانتمى ... ومنه استعاد به فعاد أعاربه

وحين عذت عز الفضائل بعده ... يتامى علمنا أنهن ربائبه

وقفنا وقد جد الوداع عشية ... فممسك دمعاً يوم ذاك وساكبه

ليودع نفس المجد بيتاً مصرعاً ... طويلاً على زواره متقاربه

تولى وهل يلوى علينا وقد غدت ... تلقاه من حور الجنان حبائبه

ظننت باني مخلص في وداده ... وأخطأت لا بل أسوأ الذنب كاذبه

رجعت وأمسي الجود يصحب نفسه ... إلى رمسه فالجود لا أنا صاحبه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015