ذيل مراه الزمان (صفحة 1115)

اللذات تزف إليه كل ليلة جارية وكان ولّى عهد أبيه في حياته. فلما توفي والده في سنة سبع وأربعين ببلد العناب بمدينة يقال لها بونا وكان صحبته، ترك والده على حاله، وركب بغلاً يسمى الجيش ودخل به تونس في خمسة أيام والمسافة عشرون يوماً ومات البغل في تلك السفرة. وكان الحامل له على ذلك خوفه من عمّيه أن يسبقاه، فإنه كان له عمّان، أحدهما مجدور الوجه يدعى أبا عبد الله كثّ اللحية يعرف باللحياني. ولما دخل تونس، وجد الخبر قد سبقه والنوح في القصر فأبطله وأمر بضرب البشائر وسيّر مملوكاً له يقال له هلال إلى مدينة بونا يستدعي من بها من العسكر وأمر أن يسوق عمه أبو عبد الله اللحياني في مقدمة الجيش، وعمه أبو إبراهيم في ساقته، فوصل إلى المكان وذكر لعميه ما أمر به فساروا عشرين يوماً حتى وصلوا إلى السبخة على يوم من تونس. فتقدم لهم مرسومه أن يترجل العسكر بأسرهم خلا عمّيه فكشف منهم في ذلك اليوم خمسين مقدماً طائعين وسبعين مقدماً مخامرين. فلما دخلوا تونس مدّ لهم سماطاً فدخل الخلق طائفة بعد طائفة، والكوسات تضرب والخلع تفرق والأنعام تشمل القريب والغريب. واستقل على هذا المنهج سنة ونصفاً، وهو مع ذلك خائف من عميه وثلاثة رجال أخر مستبدين إليهما يقال لأحدهم ابن البرنمال، والآخر إبراهيم بن إسحاق.

وكان مدة السنة ونصف يجتمع كل ليلة بهؤلاء الخمسة، وينعم عليهم لكل واحد منهم بألف دينار عيناً ومركوباً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015