ذيل مراه الزمان (صفحة 1112)

ناب عنه مدة ثم ترك القضاء ورجع إلى دمشق فأقام بها مدة سنين، له حلقة يدرّس بها في الجامع ويكتب خطه في الفتاوى. وكان حسن العبارة طويل النفس في البحث كثير التحقق، باشر الإعادة بالمدرسة الجوزية بدمشق قبل سفره إلى الديار المصرية وبعد رجوعه. وكان حسن المجالسة والمذاكرة، ويتكلم في الحقيقة وهو غزير الدمعة رقيق القلب جداً، وافر الديانة كثير العبادة، صحب الفقراء مدة وله فيهم حسن ظن، وأمّ بحلقة الحنابلة بجامع دمشق مدة ثم ابتلي بالفالج فبطل جانبه الأيسر وثقل لسانه بحيث لا يفهم من كلامه إلا اليسير، وبقي على ذلك مدة أربع أشهر، ثم توفي إلى رحمة الله تعالى بدمشق ليلة الجمعة بين العشائين لستّ خلون من جمادى الأولى هذه السنة، ودفن بعد أن صلى عليه بجامع دمشق في مقابر باب الصغير - رحمه الله - وقد ميف على الستين سنة من العمر. وكان عنده معرفة بالأدب، وله يد جيدة في النظم؛ أنشدني صاحبنا تقي الدين عبد الله بن تمام له:

طار قلبي يوم ساروا فرقا ... وسواء فاض دمعي أو رفا

حار في سقمي من بعدهم ... كل من في الحي داري ورقى

بعدهم لا ظل وادي المنحنى ... وكذا بان الحمى لا أورقا

؟؟ محمد بن علي بن أبي القاسم أبو بكر بدر الدين العدوي المعروف بابن الكاكري كان من أعيان العدول بدمشق، كثير التحري في الشهادة والتحقيق،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015