سنة أربع وستين، فقال: أنا أحق الملك العادل، وقد جاء من حلب عسكر يحاصره، وكان عمري إذ ذاك خمس عشرة سنة، وقال لي: دنا الموت ولم يبق إلا القليل، ثم قص على رؤية استدل بها على هذا، فسألته عن الرؤيا فقال: رأيت من زمان مقادم كأني أفرغت في بيتي جمل بصلي فأخذت منه بصلة بيدي فرأيت عليها عبد الرحمن مشملة، فجعلتها في حجري، وعرفت أن ذاك البصل كله مشايخ، أريد أن أجتمع بهم، وأراهم ويروني. فلما كان هذا القرب، رأيت كأني عبيت الجوالق البصل ولم يبق إلا القليل، فعلمت بذلك قرب الأجل. حدثني بذلك عنه يوم السبت ثامن شعبان من السنة. وكانت وفاته بقرية منين في شهر رمضان المعظم سنة خمس وسبعين وست مائة ودفن في زاويته المشهورة، وعلى ضريحه من الجلالة والهيبة ما يقصر الوصف عنه رحمه الله تعالى.
علي بن محمود بن علي أبو الحسن شمس الدين الشهرزوري الشافعي، كان تقياً حسناً، ولّي نقابة الحكم بدمشق عن قاضي القضاة شمس الدين أحمد بن خلكان رحمه الله ولم يزل إلى حين صرف قاضي القضاة شمس الدين المذكور فانعزل بعزله مستنيبه. ولما وقف الأمير ناصر الدين القيمري مدرسته التي أنشأها بالمطرزين بدمشق فوض إليه تدريسها، وجعله في ذريته ما وجد ووجدت فيهم الأهلية، فباشر تدريسها منذ عمرت إلى أن توفي بها يوم الثلاثاء سادس عشر شوال، ثم باشر تدريسها ولده صلاح الدين إلى أن توفي، وترك ولده صغيراً، فباشر تدريسها قاضي القضاة بدر الدين بن