خواص الملك الظاهر صلاح الدين يوسف بن محمد - رحمه الله - وذوي المكانة عنده والوجاهة في دولته. فلما نقضت الأيام الناصرية - سقى الله عهدها - استوطن المذكور حماة، فأقبل عليه صاحبها الملك النصور ناصر الدين محمد - رحمه الله - واستوزره، ولم يزل على ذلك إلى أن توفي الى رحمة الله تعالى بحماة في صفر هذه السنة. ومولده سنة ثماني عشرة وست مائة بحلب. وكان والده منتجب الدين من أعيان الحلبيين - رحمه الله تعالى. حكى علاء الدين المذكور أن الملك الناصر - رحمه الله - كان يكره الجبن ورائحته ولا يمكن من إحضار شيء منه في سماطه، وكنت أنا وأخي صفي الدين نشتهي أن نأكل منه، فقلت يوماً للجاشنكير: أحضر لي قطعة جبن خفية من السلطان فقد تاقت نفسي إلى ذلك. فأحضر منه شيئاً فجعلته تحت الخوان؛ فشمّ السلطان رائحته فغضب وقال: كم أنهاكم عن أكل الجبن وانتم تخالفوني. فقلت له: يا خوند! الله سبحانه وتعالى نهانا عن أشياء وأمرتنا أنت بها فأطعناك وعصينا الله تعالى فإذا عصيناك في هذا الشيء الواحد أي شيء يكون؟ فضحك وسكت. وكان علاء الدين المذكور مشهوراً بالمروءة والعصبية وقضاء حوائج الناس والسعي في مصالحهم - رحمه الله. قال في مملوك له ملكني بالعينين وملكته بالعين.
مبارك بن حامد بن أبي الفرج المنعوت بالتقى الحداد. كان من كبار الشعة المتغالين في مذهبه عارفاً به، وله صيت في الحلة والكوفة وتلك الأماكن، وعنده دين وأمانة وصدق لهجة وحسن معاملة. وكانت وفاته ببعلبك يوم الأحد ثامن عشر ذي القعدة، وهو في العشر السبعين -