وأدّخرها ليوم الشفاعة العُظمى. فاللهم صَلِّ على عبدك ورسولك محمَّد أتمَّ الصلوات المباركات، وسلم اللهم عليه تسليمًا كثيرًا، وعلى آل بيته من ذريته وأزواجه أمهات المؤمنين، وعلى أصحابه أجمعين، وعلى مُقْتَفِي آثارهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فقد جعل الله تعالى سنةَ النبي - صلى الله عليه وسلم - حِصْنَ دينه الحصين، ورُكنَ شرعه الرَّكين. ولذلك فإن الوَعْدَ الإلهي بحفظ كتابه الكريم، وبنُصرة دينه، وببقائه إلى يوم الدين؛ متضمن الوعدَ بحفظ السنة النبويّة المشرفة، وبنُصْرَتها، وببقائها؛ لأن السنة بيانُ الكتابِ، ولأنّها (معه) هي الدين والشريعة.
ولذلك فإن قول الله تعالى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)} [الحجر: 9]، وَعْدٌ بحفظ القرآن الكريم والسنة المشرفة معًا.
غير أن الله عزَّ وجلَّ قد شاء بتقدير علمه ولطيف حكمته أن يُوكل حِفْظَ السنّةِ إلى النّاس، وأن يتكفّل هو بحفظ كلامه المنزّل (القرآن الكريم). لذلك فقد هيّأ الله تعالى في هذه الأمّة أئمةً أعلامًا، وسخّر فيها علماء عظامًا، لحفظ دينه، بحفظ السنة النبويّة المشرفة.
والحقُّ يقول، والتاريخُ يُخبر، والوجودُ يشهد، والبدائةُ لا تتردد: أن علوم السنة المشرفة التي أنشاها علماء هذه الأمّة معجزةٌ