إلى الجامع للجمعة وللمجلس. وما مازح أحدا قط، ولا لعب مع صبي، ولا أكل من جهة لا يتيقن حِلهَا. وما زال على ذلك الأسلوب حتى توفاه الله تعالى.

وقال ابن القطيعي: انتفع الناس بكلامه، فكان يتوب في المجلس الواحد مائة وأكثر في بعض الأيام. وكان يجلس بجامع المنصور يوما أو يومين في السنة. فتغلق المحال، ويحرز الجمع بمائة ألف.

قرأت بخط الإمام ناصح الدين بن الحنبلي الواعظ في حق الشيخ أبي الفرج: اجتمع فيه من العلوم ما لم يجتمع في غيره. وكانت مجالسه الوعظية جامعة للحسن والإحسان باجتماع ظراف بغداد، ونظاف الناس، وحسن الكلمات المسجعة والمعاني المودعة في الألفاظ الرائجة، وقراءة القرآن بالأصوات المرجعة، والنغمات المطربة، وصيحات الواجدين، ودمعات الخاشعين، وإنابة النادمين، وذل التائبين، والإحسان بما يفاض على المستمعين، من رحمة أرحم الراحمين. ووعظ وهو ابن عشر سنين إلى أن مات، ولم يشغله عن الاشتغال بالعلم شاغل، ولا لعب ولا لها، ولا سافر إلا إلى مكة. ولقد كان فيه جمال لأهل بغداد خاصة، وللمسلمين عامة، ولمذهب أحمد منه ما لصخرة بيت المقدس من المقدس. حضرت مجالسه الوعظية بباب بدر عند الخليفة المستضيء، ومجالسه بدرب دينار في مدرسته ومجالسه بباب الأزج على شاطىء دجلة، وسمعت عليه مناقب الإمام أحمد، وبعثت إليه من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015