وَكَانَ جَمَاعَة من الْعُلَمَاء يقولون: إِن لَهُ رِئيّاً من الجن، وَكَانَ - مَعَ ذَلِكَ - كثير العبادة والأوراد والصلاة. لكن يقال: إنه كَانَ يتعبد عَلَى وجوه غَيْر مشروكة، كالصلاة فِي وقت النهي.
وذكر عَنْهُ بَعْض أقاربه: أَنَّهُ رأى عنده شَيْئًا من آثار الجن.
وَقَدْ رأيت لأبي الْعَبَّاس القرافي المالكي صاحب " القواعد " كلاما حسنا فِي التعبير، فرأيت أَن أذكره ههنا.
قَالَ: أعلم أَن تفسير المنامات قد اتسعت تقييداته، وتشبعت تخصيصاته، وتنوعت تفريعاته بحيث صار لا يقدر الإِنْسَان يعتمد عَلَى مجرد المنقولات لكثرة التخصيصات بأحوال الرائين، بخلاف تفسير الْقُرْآن الكريم، والتحدث فِي الفقه، والكتاب والسنة، وغير ذَلِكَ من العلوم. فَإِن ضوابطها محصورة، أَوْ قريبة من الحصر. وعلم المنامات منتشر انتشارا شديدا، لا يدخل تَحْتَ ضبط. لا جرم إِن احتاج الناظر فِيهِ - مَعَ ضوابطه وقوانينه - إِلَى قوة من قوى النفس المعينة عَلَى الفراسة والإطلاع عَلَى المغيبات، بحيث إذا توجه الحزر إِلَى شَيْء لا يكاد يخطئ، بسبب مَا يخلفه اللَّه تَعَالَى فِي تلك النفس من القوة المعينة عَلَى تقريب الغيب أَوْ تحقيقه. فمن النَّاس من هُوَ كَذَلِكَ. وَقَدْ يَكُون ذَلِكَ عاما فيَ جميع الأنواع.