التشاجر والنفور، والاقتصاد فِي كُل مَا يتعاطاه من جميع الأمور، لا عجرفة فِي كلامه ولا تقعر، ولا تعظم فِي مشيته ولا تبختر، ولا شطط فِي ملبسه ولا تكثر، ومع هَذَا فكانت لَهُ صدور المجالس والمحافل، وإلى قَوْله المنتهى فِي الفصل بن العشائر والقبائل، مَعَ مَا أمده اللَّه عَلَيْهِ من سعة العلم، وفطره عَلَيْهِ من الرأفة والحلم. وَكَانَ لا يوفر جانبه عمن قصده، قريبا كَانَ أَوْ أجنبيا. ولا يدخر شفاعته عمن اعتمده، مسلما كَانَ أَوْ ذميا. ينتاب بابه الأمراء والملوك. فيساوي فِي إقباله عَلَيْهِم بَيْنَ المالك والملوك.
ولي الشيخ قضاء القضاة فِي جمادى الأولى سنة أربع وستين عَلَى كره منه. وَكَانَ الشيخ رحمه اللَّه رحمة عَلَى الْمُسْلِمِينَ، ولولاه لراحت أملاك النَّاس لما تعوض إِلَيْهَا السلطان. فقام فِيهَا قيام الْمُؤْمِنيِنَ وأثبتها لَهُمْ. وعاداه جَمَاعَة الحكام، وعملوا فِي حقه المجهود. وتحدثوا فِيهِ بِمَا لا يليق. ونصره اللَّه عَلَيْهِم بحسن نيته. ويكفيه هَذَا عِنْدَ اللَّه.
وَقَالَ البرزالي فِي تاريخه: كَانَ الشيخ شيخ الوقت، وبركة العصر. ولي الحكم والخطابة، والمشيخة والتدريس مدة طويلة، ومراده خطابة