الدار، فلم يزر كَذَلِكَ إِلَى أَن قتل صبرا شهيدا بسَيْف الكفار عِنْدَ دخول هولاكو ملك التتار إِلَى بغداد، فقتل الخليفة المستعصم بالله وأكثر أولاده، وقتل مَعَهُ أعيان الدولة والأمراء وشيخ الشيوخ وأكابر الْعُلَمَاء. وقتل أستاذ الدار محيي الدين وأولاده الثلاثة، وَذَلِكَ فِي صفر سنة ست وخمسين وستمائة بظاهر سور كلوذا، رحمة اللَّه عَلَيْهِم.
كَانَ المستنصر لَهُ شباك على إيوان الحنابلة يسمع الدرس مِنْهُم دُونَ غيرهم وأثره باق.
قَالَ الشريف عز الدين: كَانَ أحد صدور الإِسْلام، وفضلائهم وأكابرهم، وأجلائهم من بيت الرواية والدراية.
وحدث ببغداد وبمصر، وغيرهما من البلاد.
وذكره الدبيثي فِي تاريخه - وَقَدْ مَات قبله بمدة - وَقَالَ: فاضل عالم، فقيه عَلَى مذهب أَحْمَد. لَهُ معرفة بالوعظ. وجلس للوعظ بَعْد وفاة أَبِيهِ، ودرس وناظر؛ وتولى الحسبة بجانبي بغداد، والنظر فِي الوقف العام.
وَقَالَ الحافظ الذهبي: كَانَ إماماً كبيراً، وصدراً معظما، عارفا بالمذهب كثير المحفوظ، ذا سمت ووقار. درس، وأفتى وصنف. وَأَمَّا رياسته وعقله: فينقل بالتواتر، حَتَّى أَن الْمَلِك الكامل - مَعَ عظم سلطانه - قَالَ: كَانَ أحد يعوزه زيادة عقل " محيي الدين بْن الجوزي. فَإِنَّهُ يعوزه نقص عقل.
ويحكى عَنْهُ فِي هَذَا عجائب، منها: أَنَّهُ مر فِي سويقة بَاب البريد والناس بَيْنَ يديه،