الشيوخ وتتأدب بهم، فحينئذ يصلح لَك الانقطاع، وإلا فتمضي وتنقطع قبل أَن تتفقه، وأنت فُرَيخ ما رَبشت فَإِن أشكل عليك شَيْء من أمر دينك تخرج من زاويتك، وتسأل النَّاس عَن أمر دينك؟ ما يحسن بصاحب الزاوية أن يخرج من زاويته، ويسأل الناس عن أمر دينه. ينبغي لصاحب الزاوية أَن يَكُون كالشمعة يستضاء بنوره.
قَالَ: وَكَانَ الشيخ يوما يتكلم فِي الإِخلاص والرياء والعجب، وأنا حاضو فِي المجلس، فخطر فِي نفسي: كَيْفَ الخلاص من العجب؟ فالتفت إليّ الشيخ، وَقَالَ: إِذَا رأيت الأشياء من اللَّه، وأنه وفقك لعمل الخير، وأخرجت نفسك من الشين سلمت من العجب.
قَالَ أَبُو الفرج بْن الحنبلي - وكتبته من خطه -: كانت حرمة الشيخ عَبْد اللَّهِ الجبائي كبيرة ببغداد. فلما دخلت أصبهان سنة ثمانين وجدته فِيهَا وَهُوَ عظيم الحرمة، فكان كُل يَوْم يَأْتِي إِلَى زيارتي. وبجاهه سمعت عَلَى الحافظ أَبِي موسى الجزء من السباعيات، فَإِنَّهُ كَانَ مريضا. وَقَدْ حجب النَّاس عَنْهُ، فلم يقدروا عَلَى حجب الشيخ عَبْد اللَّهِ، فدخلنا مَعَهُ، فأخذ الإذن من الحافظ أَبِي موسى لي فِي القراءة عَلَيْهِ. وَكَانَ إِذَا مشى فِي السوق قام لَهُ أهل السوق. وحكى لي الشيخ طَلْحَة - يَعْنِي العلثي - أن للشيخ عبد الله - يعني الجبائي - رياضات ومجاهدات يطول ذكرها.
وحدثني الشيخ طَلْحَة عَنْهُ: أَنَّهُ رأى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام، فَقَالَ: يا رَسُول اللَّه، أيثاب الرجل عَلَى قراءة الْقُرْآن. فَقَالَ: نعم. فَقَالَ: يا رَسُول اللَّه،