لملكها - يَعْنِي من حبهم لَهُ - ورغبتهم فِيهِ، ولما وصل إِلَى مصر أخيرا كنا بها، فكان إذ خرج يَوْم الجمعة إِلَى الجامع، لا نقدر نمشي مَعَهُ من كثرة الخلق يتبركون بِهِ، ويجتمعون حوله.
قَالَ: وَكَانَ رحمه اللَّه، لَيْسَ بالأبيض الأمهق، بَل يميل إِلَى السمرة، حسن الشعر، كث اللحية، واسع الجبين، عظيم الخلق، تام القامة، كأن النور يخرج من وجهه، فكان قَدْ ضعف بصره من كثرة البكاء، والنسخ والمطالعة. وَكَانَ حسن الخلق، رأيته وَقَدْ ضاق صدر بَعْض أَصْحَابه فِي مجلسه، وغضب، فجاء إِلَى بيته وترضاه، وطيب قلبه.
وكنا يوما عنده نكتب الْحَدِيث ونحن جَمَاعَة أحداث، فضحكنا من شَيْء وطال الضحك فرأيته يتبسم معنا ولا يحرد عَلَيْنَا. وَكَانَ سخياً جوادً كريماً لا يذَخِر دينارا ولا درهما. ومهما حصل لَهُ أخرجه. ولقد سمعت عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يخرج فِي بَعْض الليالي بقفاف الدقيق إِلَى بيوت المحتاجين، فيدق عَلَيْهِم، فَإِذَا علم أنهم يفتحون الباب ترك مَا مَعَهُ ومضى لئلا يعرفه أحد.
وَقَدْ كَانَ يفتح لَهُ بشيء من الثياب والبرد فيعطي النَّاس، وربما كَانَ عَلَيْهِ ثوب مرقع.
وقد أوفى غَيْر مرة سرا مَا يَكُون على بعض أصحابه من الدَيْن ولا يعلمهم بالوفاء.
قال الشيخ