السحر.
سمعت الحافظ يَقُول: أضافني رجل بأصبهان، فلما قمنا إِلَى الصلاة، كَانَ هناك رجل لَمْ يصل، فقيل: هُوَ شمسي - يَعْنِي: يعبد الشَّمْس - فضاق صدري، ثُمَّ قصت بالليل أصلي والشمسي يستمع، فلما كَانَ بَعْد أَيَّام جاء إِلَى الَّذِي أضافني. وَقَالَ: إِن الشمسي يريد أَن يسلم، فمضيت إِلَيْهِ فأسلم، وَقَالَ من تلك الليلة: لما سمعتك تقرأ الْقُرْآن، وقع الإِسْلام فِي قلبي.
قَالَ: وَكَانَ الحافظ لا يرى منكرا إلا غيره بيده أَوْ لسانه، وَكَانَ لا تأخذه فِي اللَّه لومة لائم، ولقد رأيته مرة يهريق خمرا، فجبذ صاحبه السَيْف، فلم يخف من ذَلِكَ وأخذه من يده، وَكَانَ رحمه اللَّه قويا فِي بدنه، وَفِي أمر اللَّه، وكثيرا مَا كَانَ بدمشق ينكر المنكر، ويكسر الطنابير والشبابات.
وسمعت أبا بَكْر بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد الطحان، قَالَ: كَانَ بَعْض أولاد صلاح الدين قَدْ عملت لَهُمْ طنابير، وحملت إليهم، وكانوا في بعض البساتين يشربون، فلتي الحافظ الطنابير تحمل إليهم، فكسرها ودخل الْمَدِينَة فلما خرج منها لحقه قوم كثير بعصي، ومعه رجل، فلحقوا صاحبه، وأسر الحافظ فَقَالَ لَهُم الرجل: أنا مَا كسرت شَيْئًا، هَذَا الَّذِي كسر، قَالَ: فَإِذَا رجل يركب فرسا، فترجل عَنِ الفرس، وجاء إليّ وقبل يدي، وَقَالَ: يا شيخ، الصبيان مَا عرفوك.