العلماء سألته عن مولده فقال: سنة أربع عشرة وسبعمائة ثم رجع إلى بلاده ثم قدم علينا سنة إحدى وخمسين وقد صار ذا معرفة فسمع الكثير وكتب بخطة المليح تهذيب الكمال وأطراف أصول السن وشرح مسلم للنووي والمطلب العالي لابن الرفعة، وكتب كثيرًا من الكتب وهو في كثرة الاشتغال يختم كل يوم ختمة، وقد عرض عليه الوظائف بدمشق فزهد عنها، وله اليد الطولى في علم المعاني والبيان، ودرس الكشاف في السميساطية وسمعنا عليه وحضر مجلسه أكابر العلماء وفحول الأدباء1.
الدِّهلي2 الحافظ المفيد الرحال نجم الدين أبو الخير سعيد بن عبد الله الهندي الجلالي مولاهم3 البغدادي ثم الدمشقي الحنبلي: نشأ ببغداد وطلب الحديث ثم قدم دمشق فسمع ابن الرضي وبنت الكمال والجزري والمزي وخلائق، وسمع بمصر وحلب وحماة والثغر والقدس فأكثر وجمع فأوعى، وكانت له معرفة جيدة بأحوال الرواة ومواليدهم ووفياتهم عارفًا معاني الحديث وفقهه، قال الذهبي: له عمل جيد وهمة في التاريخ وتكثير المشايخ والأجزاء وهو ذكي صحيح الذهن عارف بالرجال حافظ، مات في طاعون سنة تسع وأربعين عن بضع وثلاثين سنة وقد حدث المزي عن السروجي عنه.
أنشدنا الحافظ نجم الدين أبو الخير الدِّهلي في سنة أربعين وسبعمائة قال: أنشدنا الإمام جلال الدين عبد القاهر بن الفُوَطي ببغداد قال: أنشدنا والدي -رحمه الله تعالى- لنفسه:
كرر عليَّ حديث البان والسمر ... إن الحديث على أهل الحمى سمري
قد كان لي وطر يصبو إلى وطني ... فاليوم لا وطني يصبي ولا وطري
يا حادي العيس لا تعجل عسى نفس ... تسري إلى من الأحباب في السحر