الوجه الثالث: أن علم الفلك نوعان أحدهما معرفة البروج الإثني عشر ودرجات الفلك ومنازل الشمس والقمر، وعرض البلدان وطولها، ومعرفة السمت والنظير، وفصول السنة وما تقطعه الشمس في اليوم والليلة من درجات الفلك، وما يقطعه القمر منها، ومعرفة السنة الشمسية والسنة القمرية وما بينهما من التفاوت، ومعرفة أوقات الكسوف والخسوف.
وهذا النوع هو الذي كان يشتغل به علماء الفلك قبل ظهور أهل الهيئة الجديدة، وهو علم كثير العناء قليل الجدوى يصد المشتغل به عما هو أهم منه من العلوم الدينية، ولم يكن الصحابة ولا التابعون وتابعوهم بإحسان وأئمة العلم والهدى من بعدهم يتعلمون من هذا النوع إلا ما تدعو الحاجة إليه لمعرفة القبلة، والاهتداء في ظلمات البر والبحر، وأما ما سوى ذلك من علم الفلك فلم يكونوا يشتغلون به فضلا عن الاهتمام والعناية به.
وعلى هذا فقول الصواف أن علم الفلك كان من أول العلوم التي لفتت أنظار علماء المسلمين وجلبت اهتمامهم وعنايتهم قول لا أساس له من الصحة.
النوع الثاني: تخرص أهل الهيئة الجديدة في الأرض والأجرام العلوية وما تحويه، وهذا النوع مبني على تعاطي علم الغيب الذي استأثر الله بعلمه، وتعاطي علم المغيبات حرام شديد التحريم فضلا عن أن يكون من أول العلوم التي لفتت أنظار علماء المسلمين وجلبت اهتمامهم وعنايتهم كما زعمه الصواف، ومدار رسالة الصواف على هذا العلم المحرم كما لا يخفى على من نوَّر الله قلبه بنور العلم والإيمان.
فصل
قال الصواف في صفحة 30 (علم الفلك)
ثم عرفه بأنه علم يبحث عن الأجرام السماوية وما تحويه وما تنتظمه من نجوم وكواكب وما يحدث في الكون من رياح وبرق ورعد.