إلى أن قال:
وقدم حكم العقل حتما بزعمه ... على النقل فيما قد رأى كل مارق
فتبًا لمن يبدي ثناء ومدحه ... لتأليفه أو ما قد حوى من شقاشق
فما كان فجرا صادقا في ظهوره ... ولكنه فجران يبدو لرامق
ووالله ما أبدى صوابا ولم يكن ... على المنهج الأسنى وليس برائق
وليس يروق الكفر إلا لزائغ ... عن الحق أو مستغرق بالعوائق
وجوَّز أن يدعى سوى الله بالرجا ... وبالخوف والتعظيم فعل المشاقق
وأن يستغيث المشركون بغيره ... وأن يلجؤوا في كل خطب مضايق
فتبا لعباد القبور الذين هم ... حماة ذوي الأهواء من كل مارق
فقد نبذوا الوحيين خلف ظهورهم ... وقد حكَّموا القانون بين الخلائق
ومع ما ذكرنا عن جميل الزهاوي من الأقوال الوخيمة والعقائد الباطلة الذميمة، فقد اعتمد الصواف على تخرصه وظنه الكاذب في تصغير الأرض وتحقيرها، وقرر ذلك في ثلاثة مواضع من رسالته. وهذا يدل على أنه كان مقبول القول عنده. وكفى بالرجل جهلا أن يعتمد على تخرص جميل الزهاوي وأشباهه من أهل الأهواء والبدع.
وما ذكره الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله تعالى عن جميل الزهاوي أنه سمى أدلة الكتاب والسنة ظواهر ظنية، وأنه يجب تأويلها أو تفويضها فقد قال الصواف مثله في صفحة 22 و23 من رسالته حيث زعم أن النصوص الدالة على جريان الشمس ظنية وليست قطعية الدلالة، قال والتوقف فيها أو تفويض الأمر فيها إلى الله أسلم وأحكم، ثم قال وفي التأويل مندوحة في الأمور غير القطعية خاصة في مثل هذه الأمور.
قلت: وهذه جرأة عظيمة على الله وعلى كتابه وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وقد رددت على هذا القول الباطل في الصواعق الشديدة فليراجع هناك.