الوجه الخامس عشر أن قول مجاهد في الحسبان والسبح في الفلك متفق.
وما جاء في بعض الروايات عنه من ذكر الدوران فالمراد به دوران الشمس والقمر والنجوم على الأرض وهي في فلكها الذي تسبح فيه أي تجري فيه بسرعة كما تقدم إيضاح ذلك. وليس هو بدوران فقط كما تدور المراوح الكهربائية.
ويدل على ذلك ما رواه ابن جرير عنه أنه قال في قوله تعالى {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا} قال: "هو مثل قوله {كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} والسبح هو الجري بسرعة".
قال الراغب الأصفهاني: "السبح المرُّ السريع في الماء وفي الهواء يقال سبح سبحا وسباحة، واستعير لمر النجوم في الفلك نحو {وكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}، ولجري الفرس نحو {وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا} ولسرعة الذهاب في العمل نحو {إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا} ".
وقال شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية رحمه الله تعالى: "السباحة تتضمن الجري بسرعة كما ذكر ذلك أهل اللغة". انتهى.
وإذا علم هذا فكلام مجاهد صريح في كونه يرى أن الشمس والقمر والنجوم سابحة في الفلك أي جارية فيه بسرعة، وإن الفلك لهن مثل الحسبان للرحى والفلكة للمغزل، يعني أنهن يدرن حول الأرض في فلك مستدير، وفي هذا رد على من تقول عليه وزعم أنه يقول إن الشمس ثابتة ودائرة على نفسها مثل المروحة السقفية الكهربائية، وأما زعم الصواف أن قول مجاهد يخالف بعضه بعضا فهو خطأ مردود.
الوجه السادس عشر لو فرضنا أن مجاهدا قال إن الشمس ثابتة، وأنها تدور على نفسها مثل المروحة السقفية الكهربائية، فقوله ليس بحجة وإنما الحجة فيما أخبر الله به من جريان الشمس وسبحها في الفلك ودؤوبها في ذلك وطلوعها وغروبها ودلوكها وتزاورها، وأنه يأتي بها من المشرق فهذا يدل