الرحى، وهو العود المستدير الذي باستدارته تستدير المطحنة". انتهى.
ومما ذكرنا يعلم أن البخاري قد اختصر قول مجاهد ولم يورده بتمامه.
ويعلم أيضا أن مجاهد إنما أراد بالحسبان الفلك الذي تدور فيه النجوم والشمس والقمر، ولم يرد به المحور الذي توهمه الصواف وأئمته من فلاسفة الإفرنج.
وقد قال شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية رحمه الله تعالى: "فأما قوله تعالى {وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا} وقوله {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} فقد قيل هو من الحساب وقيل بحسبان كحسبان الرحى وهو دوران الفلك فإن هذا مما لا خلاف فيه، بل قد دل الكتاب والسنة وأجمع علماء الأمة على مثل ما عليه أهل المعرفة من أهل الحساب من أن الأفلاك مستديرة لا مسطحة". انتهى.
الوجه الثاني عشر أن القمر قرين الشمس في الحسبان كما أنه قرينها في الجريان والسبح في الفلك والدؤوب في السير والبزوغ والأفول. قال الله تعالى: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} وقال تعالى {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} وقال تعالى في أربعة مواضع من القرآن: {وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى} وقال تعالى في موضعين {وكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} وقال تعالى {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ} وقال تعالى {فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ}.
وإذا كان القمر قرين الشمس في كتاب الله تعالى فإنه يلزم أن يقال فيه